عبدالحميد الخطيب
كثير من الاعمال الدرامية التي ترصد المشكلات الاسرية وتفكك العلاقات بين افرادها تقع في فخ التكرار، لاسيما ان القضايا الاجتماعية كالحب والزواج والطلاق والخيانة.. الخ، تم تناولها كثيرا من عدة جوانب متباينة للتعريف بها وبتأثيرها على المجتمع، وقلة من الاعمال تتطرق الى مثل هذه القضايا من منظور مختلف لم يذهب اليه احد.
وهذا العام يأتينا مسلسل «كذبة ابريل» الذي تبنى فكرته الأساسية على نفس المواضيع التي تتحدث صراحة عن الاسرة وتفككها، ليسير بشكل درامي «تقليدي» في نقل صورة العلاقات الاسرية.
تبدأ قصة المسلسل بحفل يقيمه التاجر المعروف سامي (جاسم النبهان) وبيبي (زهرة عرفات) احتفالا بعيد زواجهما الذي يوافق يوم 1 ابريل، وهو نفس اليوم الذي يشهد ما يعرف بـ «كذبة ابريل»، وفي الحفل يظهر «سامي» امام الضيوف مدى حبه لزوجته وسعادته معها وترابط عائلته، لكن بعد ذلك نكتشف ان ما يقوله ما هو إلا «كذبة كبيرة»، فالحقيقة ان حياتهما ليست على افضل احوالها وتعصف بها المشكلات، فـ «بيبي» تظن أنها ممسكة بزمام أمور أسرتها في غياب زوجها المستمر عن المنزل، وتفاجأ بأنها كانت تعيش وسط دوامة من الأكاذيب.
تنقلب حياة «بيبي» رأسا على عقب بعد وفاة «سامي» في حادث، حيث تكتشف انه كان متزوجا منذ اكثر من 20 عاما من منال (مي البلوشي) ولديه منها ابنان، ولا تعلم بهذا الامر؛ لأنها كانت تضع ثقتها الكاملة فيه، كما تكتشف زواجه سرا قبل وفاته من رزان (ليلى عبدالله) ابنة صديقتها عواطف (شهد سلمان)، فتبدأ في تغيير نفسها لمواجهة كل الكذب الذي أفسد حياتها.
نتعرف خلال الاحداث على أن «رزان» قبل زواجها من «سامي» كانت مرتبطة بقصة حب مع ماجد (عبدالله بهمن) الذي أراد الارتباط بها بدعم من «بيبي» لكن والدتها «عواطف» ترفض بسبب الفوارق الطبقية، وتقوم بتزويجها لـ «سامي» وهو في عمر أبيها مقابل شرط وهو ان يكتب نصف بيته باسم ابنتها، انتقاما من «بيبي».
تستعرض الخطوط الدرامية الأخرى خلافات أبناء «سامي» و«بيبي»، أسامة (سعود بوشهري) مع زوجته نجلاء (منى حسين)، وأنس (محمد الكاظمي) ومشاكله مع افنان (شهد عبدالله) الفتاة التي يحبها، وكذلك خلافات أسيل (سمر الزاكي) ومحمود (محمد أشكناني) والتي تنتهي بالطلاق، مرورا بجنان (شوق الهادي) شقيقة «رزان» المشغولة دائما بـ «السوشيال ميديا» ولا تنتهي جدالاتها مع والدتها «عواطف» لهذا السبب.
صحيح أن الخطوط الدرامية التي يقدمها الكاتب عبدالرحمن أشكناني والمتمثلة في الصراع والمعاناة الاسرية بين الأب والأم والأبناء وزوجاتهم، تعبر عن حالات إنسانية واقعية تعيش بيننا، لكنه لم يستطع أن يخرج من عباءة الاعمال الاجتماعية المشابهة، فلم يقدم زاوية جديدة عما اعتدنا ان نشاهده في مثل هذه النوعية من الدراما التلفزيونية.
اما المخرج حسين الحليبي فإشكالية الصراعات الاسرية «المكررة» التي تضمنها النص جعلته حبيس التصوير «التقليدي» داخل لوكيشنات البيوت، ما يسرب للمشاهد الملل ويقلل من المتعة، وفي المقابل نجح الحليبي بإسناد الأدوار بطريقة مثالية، بداية من جاسم النبهان الذي يصر على لعب أي دور يقدمه بشكل مختلف وقد ظهر ذلك عبر تجسيده لشخصية «سامي» بسلاسة وتمكن، ثم زهرة عرفات التي اقنعتنا بالحالة الانسانية التي تمر بها «بيبي» بصدق ادائها، وأيضا عبدالله بهمن في دور «ماجد»، حيث يجسده ببراعة كعادته مع هذه النوعية من الشخصيات التي تتصف بأبعاد نفسية عميقة.
وتقدم ليلى عبدالله أداء متميزا في دور «رزان»، وتباريها في قوة الأداء شهد سلمان بشخصية «عواطف»، وينضم اليهما سعود بوشهري الذي يظهر قدرات تمثيلية عالية في دور «أسامة»، وكذلك منى حسين التي تبرع في لعب شخصية «نجلاء»، كما تقدم شوق الهادي دور «جنان» بتميز واضح، وشهد عبدالله تمتعنا بأدائها لشخصية «افنان»، وتجسد سارة صلاح دور «اريج» بإتقان، ومحمد الكاظمي في شخصية «انس» يثبت انه ممثل له امكانات كبيرة.
ونسجل اجادة مي البلوشي في شخصية «منال» وعبدالله المسلم بدور «مشاري»، بجانب سمر الزاكي في شخصية «اسيل» ومحمد اشكناني الذي يجسد «محمود»، وينضم اليهم فريق كبير من الفنانين الذين تميزوا جميعهم في تقديم ادوارهم، ويشكلون نقطة مضيئة في العمل.