نزل الإمام الشعبي ضيفاً على أحد معارفه فقال الرجل للشعبي: ما تشتهي؟ قال الشعبي: «أهونُ موجود وأعزُ مفقود»، ففكر الرجل بُرهةً ثم قال لغُلامه: أسقهِ ماءً.
بتلك الكلمات البسيطة لخص الإمام الشعبي القصة الحقيقية لطريقة تعاملنا مع الماء، هذا السائل العجيب الذي وصفه الله عز وجل في مُحكم كتابه الكريم «وجعلنا من الماء كل شيء حي».
«تكاد أساطير العالم القديم تنتهي إلى أن الماء أصل نشأة الكون والأحياء».. كتاب «رمز الماء في الأدب الجاهلي» للدكتورة ثناء أنس.
الأدب كان لهُ نصيبٌ من ذكر الماء، فقد تغنى بهِ كبار الشعراء والأدباء في أشعارهم وكتاباتهم، واستعمَلَهُ بعضهم في الغزل وتناولَهُ آخرون في الحروب والمعارك كرمزٍ للقوة والشدة.
أما العلم فقد تناول الماء في جميع أحواله الصلبة والغازية والسائلة وفي مختلف طُعومِهِ ما بين الملوحة والعذوبة، وأثَرُ ذلك على الصناعةِ والزراعة ..الخ، ودرسَ الطب مناحي تأثيرِهِ على أجسامِنا، فوجدَ أن الماء هو المكون الكيميائي الرئيسي لأجسامِنا، ويشكل ما بين 50 و 70% من وزن جسم الإنسان، أثبتت أوراق علمية كثيرة أن عدم تناول كميات مناسبة من الماء خلال اليوم قدْ يكون له ارتباط بظهور بعض المشاكل والآلام لفقرات الظهر والدسكات، وحتى نوبات الصداع النصفي المتفاوتة، بل إن كثيرا من الوظائف الحيوية الدقيقة في أجسامنا تحتاج للماء لأداء وظائفها بشكل كامل.
أقول هذا لنستوعب أهمية الماء في حياتنا، ويا للأسف أننا أمة حضارية ومتقدمة أن نتعامل مع الماء في الأعياد الوطنية بشكل لا يتوافقُ مع «شُكر النعم» صرحت وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة خلال أيام العيد الوطني بأن كمية هدر المياه العذبة في هذه الفترة تعادل استهلاك 15 ألف وحدة سكنية يوماً كاملاً.
يجب ألا يتعلم أبناؤنا وأطفالنا هذه الطريقة في التعامل مع الماء، التعاون يبدأ من الأسرة نفسها مروراً بمؤسسات الدولة، يجب أن نُكرس ثقافة احترام الماء وثقافة التعامل الأمثل مع الماء الذي يُعتبر نعمة مهمة خلقها الله عزّ وجل كسبب أساسي للحياة.
والدولة هي المسؤول الأساس، فيجب أن تكون هُناك قوانين وأحكام تُصدر لتنظيم طريقة تعاملنا مع الماء لمنع أو/ وتقليل الهدر اليومي للماء، سنوات ونحن نرى هذا التعامل السيئ تحديداً في -الأعياد الوطنية- مع الماء!! يجب ألا تقف الدولة مكتوفة الأيدي تجاه هذا الخلل المؤسسي والثقافي.