مخطئ من يظن أن الاستفادة من السياسة تكون لأهلها فقط، بل من الممكن أن تتسع دائرة إفادتها لتشمل الكثيرين الذين لا يعرفون حتى بديهيات قواعدها، وفي مجمل التاريخ منذ قديم الأزل نجد أن أرباب السياسة والمخضرمين بها قد نجحوا في صنع مكانة لأنفسهم، وبالنظر إلى تاريخ كويتنا الغالية سنجد أن تاريخنا المشرف مليء بالكثير من الشخصيات التي نفتخر بها جميعا ونراها نموذجا وقدوة لابد من أن نحتذيها، فهم الذين أرسو قواعد الوطنية، وعلى أيديهم جرى الخير لنا جميعا، ومازلنا حتى الآن نحيا في ظل قيادتهم الحكيمة ممثلة في صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، وسمو ولي عهده الأمين الشيخ مشعل الأحمد، حفظهما الله ورعاهما.
من منظوري الخاص أرى أن السياسة كالحياة تماما، بعض أهلها يمارسها بكل إخلاص، والبعض الأخر يلجأ للطرق الملتوية، وبين هذا وذاك سنعثر على رقعة صغيرة تجمع بين ما أطلق عليهم «مرتزقة الأزمات» لا يسعون إلى أن يكونوا بالمقدمة.
عادة لا يعرف هؤلاء المرتزقة معنى للولاء، فهم ينصاعون لرغباتهم في الحصول على المكاسب بمختلف أنواعها سواء أكان منصبا أو حفنة دنانير، نراهم اليوم يحاربون في جهة وفي اليوم التالي يكونون في الجهة الأخرى، فأينما وجدت مصالحهم وجدوا، هؤلاء الذين باعوا ضمائرهم وضحوا بأخلاقهم، نراهم يحاولون أن يؤججوا نار الخلافات وإحداث الفرقة بيننا، طامحين إلى تعطيل مسيرة التطور والتقدم التي لطالما حلمنا بها، وعاهدنا أنفسنا جميعا على أن نكون جزءا منها، ولكن «مرتزقة الأزمات» يكرهون الخير لنا ولوطننا الغالي، ويقتاتون على الأوضاع المتردية، فهم يدركون أن الاستقرار سيلحق بهم الخسائر الفادحة، وأن اختفاء الأزمات يعني لهم فقدانهم المصدر الأول لمكاسبهم.
والحقيقة أنني أشفق كثيرا على من يقعون في أفخاخ هؤلاء المرتزقة، والذين يستخدمون الشائعات والأقاويل الكاذبة والتذمر المستمر من الأوضاع وبث الشعور بالسلبية في المناسبات الاجتماعية إزاء الأوضاع العامة في نفوس المواطنين، فيتحول ضحاياهم إلى تابعين لهم دون أن يشعروا، ودون أن يدركوا أنهم انساقوا وراء أناس كمرتزقة الحروب لا فرق عندهم بين الحق والباطل، يدافعون عن مصالحهم ويقاتلون من أجلها، ولا مانع لديهم من أن يخذلوا وطنهم، ويلحقوا به الضرر في سبيل مصالحهم.
أما عن مسؤوليتي ومسؤوليتك عزيزي القارئ، فتتلخص في أن نكون بمنزلة اليد الواحدة القوية التي تقضي على هؤلاء المرتزقة، ونقطع الطريق عليهم لكي لا يحققوا أغراضهم من خلال عدم الإنصات لهم، وترجيح عقولنا والانتباه إلى أنه ليس كل ما يقال حقيقة، بل هناك أفخاخ تنصب كل يوم، وأزمات تفتعل في كل لحظة من أجل أن نظل قابعين في دوامة من الخلافات غير المنتهية، فيجب علينا أن نعرف من لنا ومن علينا، ولمن نمنح ثقتنا، وندرك أن مصير هذا الوطن بأيدينا فإن أتبعنا أرباب الأزمات هلكنا جميعا، وهنا ننتظر الكلمة الأخيرة لقيادتنا السياسية التي تحملنا إلى بر الأمان في قراراتها الرشيدة. حفظ الله الكويت وأميرها وشعبها من كل مكروه.
[email protected]