الأخوة هي رابطة متينة موثقة تجمع بين طرفين أو أكثر وتتصف بالدوام والملازمة وتنشأ بسبب النسب أو الرضاعة أو الدين أو القبيلة أو الوطن أو الأعمال، ولكن الأخوة في الإسلام هي علاقة قوية متبادلة مبنية على التعاون والمودة وعلى تقوى الله والإيمان به وتؤدي إلى الحب والإخلاص والوفاء والثقة والصدق دون السعي لتحقيق أي غرض أو هدف دنيوي.
وتعتبر الأخوة الإسلامية تشريعا ربانيا ومبدأ إسلاميا، وقد قال تعالى: (فأصبحتم بنعمته إخوانا) «سورة آل عمران: 103»، أي أصبحتم بنعمة الإسلام إخوانا في الدين، فلذلك فإن الأخوة في الإسلام ليست تقليدا أعمى ولا عادة موروثة ولا تكتلا مرتبطا بوقت أو ظرف ولكنه رباط دائم بين أهل الإيمان وقال تعالى: (إنما المؤمنون إخوة) «سورة الحجرات: 10». ومن حقوق الأخوة العامة إفشاء السلام ورده وزيارة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة والوفاء بالعهد وتشميت العاطس ونصرة المظلوم ومساعدة المكروب وعدم تتبع عيوب الآخرين والتيسير على المعسر وعدم الظلم أو التحقير.
وأما الحقوق الخاصة فهي الحرص على مساعدة الآخرين في جميع الأحوال وتفقد أحوالهم وقضاء حاجتهم والابتعاد عن الغيبة أو ذكر عيوب الآخرين والحرص على التجاوز عن الأخطاء وتقبل نصيحة الآخرين. وتظهر الأخوة في الإسلام بنصرة الآخرين وإبعاد عنهم أي أذى والتراحم والتعاون والتناصح وأن يخبر أخيه المسلم بأنه يحبه في الله وأن يحب له كل ما يحبه لنفسه. ومن الأمور الهامة التي يجب أن يتجنبها المسلم ألا يسخر من الناس ولا يحتقرهم أو يستهزئ بهم ولا يتفاخر بنسبه أو أصله على الآخرين، لأن الجميع خلقهم الله سواسية، وعدم ذكر الآخرين بألقاب سيئة مكروهة كما كان أهل الجاهلية يتناعتون.
قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون) «سورة الحجرات: 11».
إن الأخوة في الإسلام تحقق الوحدة والقوة للمسلمين وتعمل على إزالة الفوارق في المستوى الاجتماعي والاختلاف الطبقي بينهم وتحقق التقدم والحضارة لأنهم يجتمعون على البر والتقوى وبذلك ينال الجميع رضا الله سبحانه وتعالى ويدخلون الجنة التي أعدها الله عز وجل لعباده ويستظلون بظل الله يوم القيامة.
وإن الله دعا للالتزام بالأخوة ورتب عليها الأجر العظيم لأنها عبادة نتقرب بها إلى الله، وقد تكون سببا من أسباب دخول الجنة، فلنحرص جميعا على التمسك بالأخوة في الإسلام لننال رضا الله ونجلس على منابر من نور يوم القيامة على يمين الرحمن.