الأصل في تناول الطعام بناء الجسم وتقويته على الطاعة، وتعويض ما يندثر من انسجته، وتوفير الطاقة اللازمة لكي يستمر ويعمل بنشاط وهمة، فالغذاء وسيلة لا غاية في الاسلام، فدعا إليها القرآن، قال تعالى (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين)، وجعل الله في الإنسان ميلا ولذة للطعام.
ومعلوم أن شهر رمضان هو فرصة للصبر والتقوى، وتجنب التبذير، الا أن البعض قد يحول شهر رمضان الى شهر أكل وشرب، فيستهلك خلاله اضعاف ما يستهلكه في الاشهر الاخرى، ومن المعلوم ان الاعتدال في أمر الطعام والشراب هو المقصد الذي ذهبت الآية الكريمة (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)، ففي هذه الآية دعوة للإنسان الى الطعام والشراب، ثم يأتي التحذير مباشرة من الافراط في ذلك، قال ابن عباس رضي الله عنهما «أحل الله الأكل والشرب ما لم يكن سرفا أو مخيلة». ويعرف الاسراف بأنه «مجاوزة حد الاستواء، فتارة يكون بمجاوزة الحلال الى الحرام، وتارة يكون بمجاوزة الحد في الانفاق، وقد يكون في الأكل فوق الشبع»، قال القرطبي في تفسير (ولا تسرفوا): اي في كثرة الأكل، وعنه يكون كثرة الشرب، وذلك يثقل المعدة، ويثبط الانسان عن خدمة ربه، والأخذ بحظه من نوافل الخير، فإن تعدى ذلك الى ما فوقه مما يمنعه القيام بالواجب عليه حرم عليه، وكان قد اسرف في مطعمه ومشربه، قال صلى الله عليه وسلم «كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا ما لم يخالطه إسراف او مخيلة».