وحده المنافق من يخبرك بعكس ما يشعر به تجاهك، لكنه في المقابل هو أكثر من يتحدث عنك بالسوء في غيابك، فقد تجده يظهر لك أنه أكثر من يحبك وفي الحقيقة هو أكثر من يحقد عليك ويكره لك الخير.
ومن أصعب الأشياء التي يمكن اكتشافها هي عدم معرفتك بأن الشخص الذي أمامك يحبك فعلا أم هو فقط شخص منافق، ذلك ولأن المنافق لا يمكن كشفه بسهولة لأنه يعتمد على أن يظهر لك ما يجعلك تصدق حبه ولن تشك لحظة في أن كل ذلك قد يكون تمثيلا.
فهو اكثر من يخبرك بأجمل الكلمات كي يقنعك بصدقه وصدق حبه لك، ويمكنه أن يفعل أي شيء تريده كي يثبت لك عكس ما في قلبه.
كما أصبح النفاق صفة منتشرة في مجتمعنا، فالكل ينافق الكل من أجل إفساد العلاقات أو من أجل المصالح الشخصية، ويحذرونك من أشخاص معينين، ومن ثم تفاجأ بصداقتهم بهم.. إلخ، وما أكثر من ينافقون في الحب والاحترام والتقدير، فالصدمة عند اكتشافهم تكون قوية ولا تحتمل.
ومن ينافق الناس لا يعرف شيئا عن الدين والأخلاق، فما أبشع الإنسان الذي يكن لك في باطنه كل سوء، ويظهر لك في أقواله وأفعاله كل خير وحب، إن المنافق أشبه بالأفعى التي لن تتوقع لدغتها، فهم ينتظرون اللحظة المناسبة كي يظهروا لك حقيقة ما في قلوبهم أو يطعنوك بظهرك، لذلك يعتبر النفاق من الكبائر وعقوبته شديدة عند الله سبحانه.
المنافقون منتشرون حولنا ولكنهم يرتدون أقنعة زائفة ويظهرون لنا ابتسامات باهتة، فما أحقر المنافقين، وما أبشعهم وما أقبحهم، في كلامهم يسر، أما ما في قلوبهم فهو يضر، يظهرون الود للناس وهم في داخلهم لا يحملون لهم إلا السوء والكره.
والمنافق له أكثر من لون أيضا، وهو الذي ينهي الناس عن فعل المعصية وهو يفعلها، ومن يأمر الناس بالطاعة وهو يفعل عكسها، قيل أن رجلا سأل أحد أصدقائه في وقت الفجر «لماذا أشعر بأن الهواء نقي؟» فأخبره بأنه نقي لأن أنفاس المنافقين غير مختلطة به، يقال إن المنافق من كثرة النفاق لا يستطيع التفرقة بين ما يشعر في الحقيقة وما يرغب أن يفعل ويقول.
فهو الشخص الذي يحب الشكر في الناس طوال الوقت ويرفض الذم بهم، ويتملق بشكل دائم لهم، وللأسف النفاق طبع أكثر منه صفة، والطبع يصعب تغييره، فالمنافق سيبقى منافقا للأبد إلا من رحم الله.
قال الله تعالى في كتابه الكريم: (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون)، ويدل ذلك على أن المنافقين هم أشخاص مكروهون ومذمومون.
لذلك دائما ما تجد الشخص الصالح قوله قليلا وعمله كثيرا، أما المنافق فقوله كثير وعمله قليل، هو شخص يكره الجميع ولا يحب إلا نفسه، والنفاق مثل النميمة، فكلاهما يعتبران من الأمراض المنتشرة بين الناس والتي ليس لها علاج.
فالمنافق شخص خبيث ينطق لسانه بكلمات قد تضيع بسببها عائلات ويفترق بسببها الأحبة وتقطع بسببها صلة الأرحام.
يقال إن من يخدم سيدين فهو يكذب على أحدهما أو ينافق كليهما، فهو في الحقيقة أكثر الناس فسادا، والشخص المنافق لا يكون في حياته أي قيم أو مبادئ، فهو يتغذى على الخداع والكذب وأذية الآخرين، ويتمايل ويتأرجح على حسب مصالحه الشخصية حتى ولو كانت تافهة، المنافق هو شخص له وجهان، فيظهر لك منه الوجه الجميل الذي يحبك ويتمنى لك الخير ويفضلك على الآخرين، ويسر عنك الوجه الآخر وهو الوجه القبيح الكاذب الذي إذا رأيته ستعلم كم يكرهك ويتمنى لك السوء.
إن شر النفاق ما داخلته أسباب الفضيلة، وشر المنافقين قوم لم يستطيعوا أن يكونوا فضلاء بالحق، فصاروا فضلاء بشيء جعلوه يشبه الحق.