رجال أخلصوا في حياتهم، بذلوا الغالي والنفيس من أجل نهضة ورفعة الوطن، في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والخيرية، سطروا صفحات ناصعة بيضاء في البذل والعطاء، فكانت وما زالت بصماتهم راسخة في تاريخ الكويت الحديث.
ففي السابع عشر من أبريل من العام 2011 توفي المغفور له بإذن الله تعالى ناصر محمد عبدالمحسن الخرافي، الذي نستحضر اليوم الذكرى الثانية عشرة على رحيله، هذه الشخصية الفذة المعطاءة العريقة، والتي تركت أثرا بالغا في المحيط المحلي والخليجي والعربي، وأيضا في المحافل العالمية.
«بومرزوق» طيب الله ثراه لم تكن إسهاماته في المجالات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية والخيرية فحسب بل امتدت يداه الكريمتان من الكويت بلد العطاء والخير إلى أصقاع العالم.
كانت أيادي الراحل الخرافي البيضاء واضحة وراسخة في العمل الخيري في شتى المجالات الثقافية والاجتماعية والإنسانية والخيرية، مثلما عطاءات رجالات الكويت الأوفياء، فقد نذر نفسه وكرس حياته في سبيل فعل الخير، فكان الإنسان الكريم المعطاء الذي يفعل الخير سرا وعلانية، ولا تعلم شماله ما أنفقته يمينه، فكان مساعدا للمحتاجين، ومنبع الخير، وبلسم العطاء والسخاء، وكانت إسهاماته وبصماته تسابق الزمن في عمل الخير داخل وخارج الكويت، من خلال شخصيته السخية التي حملت معها الخير والبركة والكرم والعطاء.
سخر الراحل الخرافي المال من أجل فعل الخير، سواء في المشاريع الخيرية في شتى أنحاء العالم، أو من خلال مساعدة المرضى المحتاجين، وأيضا في الخدمات المجتمعية والإنسانية كدعم الطلبة المحتاجين وتوفير المساكن لهم، وكذلك دفع رواتب شهرية لمئات الأسر المتعففة.
كان الخرافي نموذجا للكرم والسخاء، متمثلا في الكثير من المبادرات الخيرية والإنسانية مثل إقامة مسابقة حفظ القرآن الكريم، وبناء دور العبادة، ودعم احتياجات الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة، وحفر الآبار في البلدان التي تعاني شح المياه، وكذلك إسهاماته في بناء المدارس، والحد من الفقر والجوع، بتوفير سبل الحياة الكريمة للمحتاجين، من خلال الأعمال الخيرية والمشاريع الضخمة التي امتدت في الوطن العربي إلى الدول الأفريقية.
تنوعت أعمال الراحل الخيرية والإنسانية في عمارة المساجد، وبناء المراكز التعليمية والطبية، والتي امتدت من الكويت مرورا بعدة دول في أفريقيا وآسيا وأوروبا وأميركا، إضافة إلى إسهاماته في دعم الجمعيات الخيرية وإنشاء دور رعاية الأيتام، ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة.
ومن كلمات الراحل في إحدى المناسبات: «بصفتي رجل أعمال، فقد أدركت منذ نعومة أظفاري أن النجاح ليس في السبق أو التقدم أو الأرباح التي يجنيها الإنسان، بل إن النجاح يتمثل في إحداث الفرق، والتعرف إلى مواطن القوة والضعف لدى الإنسان، وزيادة الطاقة للعمل والأداء، وما يمكننا أن نقدمه في المقابل للمجتمع الذي نعيش فيه، وعلى الأخص فيما يتعلق بخلق فرص أمام الآخرين لتحسين مستوى حياتهم».
«إنني أدين بالكثير لوالدي المرحوم الراحل الذي علمني الكثير، ومن أغلى وأثمن الأشياء التي تعلمتها منه أن يكون الإنسان حريصا على الاستقامة والكمال والنزاهة والعمل الجاد والمعرفة للتعامل مع العنصر البشري، وان الإرث الذي تركه لنا والدنا الراحل كان بمنزلة تحد عظيم بالنسبة إلينا».
الراحل «أبومرزوق» اتسمت شخصيته بتاريخ ناصع بالخير والجود والسخاء، وغرس ذلك في أبنائه الكرام، الذين ساروا على نهجه ودربه يستكملون تلك المسيرة الخيرية الكريمة، وبعد رحيله ساهم أبناؤه الكرام في دعم مشاريع الخير من خلال القوافل والمبادرات المتعددة داخل الكويت وخارجها وذلك بتوفير الاحتياجات والحياة الكريمة للآلاف من الأسر المتعففة والفقراء، وستظل تلك المشاريع الخيرية خالدة تتناقلها الأجيال جيلا بعد جيل.. إنها مسيرة عطرة كريمة مشرقة في العطاء.. «رحمك الله يا أبا مرزوق».