لعل آخر الأرقام المنشورة من قبل الدولة حول الجرائم التي تحصل في البلاد، والتي يعزى 73% من أسبابها إلى المخدرات، هي أرقام صادمة في الحقيقة وتتطلب الوقوف عندها بشكل مهم، فتلك الآفة تفتك بأي مجتمع تنتشر بين أفراده وتحوله إلى مجموعة من الركام وتدمره تدميرا عن بكرة أبيه. وهذا يستوجب أن تقوم الدولة بدق ناقوس الخطر على أعلى المستويات بالدولة وتعيد النظر في الكثير الكثير من القوانين وتتبعها بقوانين أخرى متعلقة بنفس القضية وتبعاتها التي تنسحب عليها.
ومن بداية هذه القضية التي تبدأ في الحدود بجميع أشكالها من خلال التركيز على المنافذ التي يتوقع أن تمر خلالها تلك السموم، يضاف إلى ذلك المواقع الأخرى التي يجب على الدول التشديد من خلالها على تجار تلك السموم داخليا أيضا.
في هذا الصدد، نقول إننا لا نشهد تطبيق حد الجرم المناسب مع كل من يتاجر بتلك السموم، بمعنى أننا لم نشهد ولم نقرأ عن تطبيق «الإعدام» لتاجر مخدرات تمت إدانته بحكم نافذ ونهائي، فالعقاب يردع كل من تسول له نفسه الخوض في هذا المضمار.
ولابد من تنفيذ الأحكام بأقصى سرعة إثباتا للجميع بمدى جدية الدولة في محاربة هذه الجرائم. ومن جانب آخر، فإن الدولة مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن تعتمد وتوسع دائرة عملها فيما يخص البحث في أسباب الجرائم المرتبطة ارتباطا مباشرا ببيع وتعاطي وترويج المخدرات والسموم بجميع أشكالها، وذلك وفقا لآخر إحصائية منشورة (73%)، وكما أسلفنا في مقالات سابقة فإنه يجب تغليط العقوبات المتعلقة بهذا الصدد لردع المجرمين الذين يعيثون فسادا في البلاد ويهلكون البلاد والعباد.
ويضاف إلى ذلك الجهود المفترض الالتفات إليها هو ضرورة مراقبة منصات نشر الجريمة ونظريات استسهال الخوض في التعاطي والإدمان لتلك المخدرات من خلال بعض مواقع التواصل، والمسلسلات وبعض الألعاب الإلكترونية المشبوهة والتي تسهم في نشر مفاهيم مغلوطة ومدمرة لشبابنا الذي يتم التأثير عليه بكل سهولة ويسر واستغلال ظروفه الأسرية والمجتمعية، وممارسة العنف لأسباب بالغة التفاهة.
إن الدولة مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بالانتباه لما يحاك لشبابنا ولما يدبر في البلاد بعيدا عن الرقابة والمحاسبة. والله ولي التوفيق.
[email protected]