دلال العياف
عرض مسرحية «شقة لندن» له خط خاص ورونق يتميز به، يجتمع فيه «جبابرة» من النجوم الذين يمتلكون فنا عريقا وتاريخا طويلا، «الحسبة فيها متوازنة وكفتها عادلة» مثل ما يقولون، وكل منهم يأخذ مساحته المناسبة في الوقت، والأدوار «متفصلة» على كل فنان، والمسرحية تسلط الضوء على قضايا اجتماعية مهمة، وجمعت بين «خفة الطينة» والتي تدخل ضمنها إسقاطات سياسية و«إفيهات» رائعة، و«سويلفات» وأحداث كثيرة.
«الأنباء» حضرت عرض «شقة لندن» بدعوة من الفنان د.طارق العلي في مسرح نقابة العمال بميدان حولي، والذي احتشد الجمهور في أروقته، وملأ قاعة المسرح عن آخرها، وكانت هناك أعمار مختلفة من المجتمع، منهم الأطفال الذين حضروا لمتابعة «بومحمد» وروحه الجميلة، وقد تفاعلوا معه بشكل لافت، كما تواجدت فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، وشاهدنا كيف يقوم الفنان القدير بالتعامل معهم بطيبته وهم أيضا تفاعلوا معه مظهرين حبهم له.
كان ديكور المسرح جميلا ويحوي أجواء حلوة ومتعوبا عليها، حيث إن مشهد الكافيه كان مبهرا وألوانه تريح النظر، بالإضافة إلى مشهد الشقة والتفاصيل الدقيقة به، فالمسرحية أحداثها تدور في إطار كوميدي اجتماعي هادف حول (وائل، سيف) المتزوجين من أختين تعانيان الخلافات الدائمة بين زوجيهما، الأمر الذي يدفعهما إلى طرح فكرة سفر الأسرتين إلى العاصمة البريطانية (لندن) في رحلة تهدف إلى حل الخلافات بين الزوجين، من خلال تهدئة أعصابهما وإيجاد السبل لإحداث التآلف بينهما، وبمحض الصدفة يلتقي كل من الزوجين الفنانين طارق العلي والنجمة إلهام الفضالة وهما من الفئة القبلية، وتحدث لهما أمور في لندن ويضطران لأن يسكنا عند ابنة خالتهما، وحدث بأن وقعت جريمة سرقة من خلال اثنين يتسللان إلى شقتهم ويسرقان كل ما لديهم هناك، وهنا تضمنت المسرحية رسالة تحذير لكل من يسافر بألا يأخذ الأشياء الثمينة معه حتى لا يكونوا مطمعا لمن تسول له نفسه بأن يسرق.
تناسبت أزياء العلي مع الحدث، فهو نجم كبير في المسرح، ومثل ما نقول «عروقه بالماي ومتشربه»، فالمسرح هو بيت آخر للفنان د.طارق العلي، ومن خلال استخدامه للأدوات الفنية الكاملة تمكن من معطيات العمل فأعطى له بريقا خاصا، كما انه يمتلك لياقة مسرحية لا تزال رائعة ولافتة، ناهيكم عن طريقة تعامله مع الفنانين التي يسودها الاحترام البالغ، فكانت المسرحية خالية من أي شائبة وراقية لأبعد الحدود، بجانب الاندماج الفني بين العلي والنجمة إلهام الفضالة، فقد كان الانسجام واضحا بينهما، وهذا ما انعكس على الجمهور الذي ظل متفاعلا معهما طوال العرض.
إلهام الفضالة نجمة قديرة لها باع فني طويل وتمتلك أرضية مسرحية عميقة، «كويتية صچية» مثل ما نقول، وأحجيتها نابعة من القلب، ومن وسط المجتمع الكويتي، فهي السهل الممتنع التي تخاطب جميع الأعمار، ودخلتها على الجمهور لها طابع خاص، وإطلالتها على المسرح مميزة فيها الاحتشام، بالإضافة إلى أسلوبها الراقي، و«الشمس ما يغطيها منخل»، كما أن «أم فجر» أجادت اللهجة القبلية بأسلوب مستساغ خفيف على القلب وأحبه الجميع.
أما الفنان شهاب جوهر، فيجسد دور الرجل الثري من الطبقة البرجوازية، وقد أجاد في تقديم الشخصية بما له من ثقل فني ممزوج بالكوميديا، وتناغم في الأداء مع الفنانة العراقية المبدعة ميس كمر والتي اعتدنا على لياقتها المسرحية، ويظهر تعبها وجهدها في اختيار الأزياء اللافتة المناسبة لدورها، وكانت لها روح جميلة وأبدعت في دورها.
بينما الفنانة شهد سلمان فهي «ملح المسرحية» مع الفنان الإماراتي جمعة، ويشكلان «كابلز» ناجحا بكل المقاييس وخفيفا الظل.
مسرحية «شقة لندن» تضم نخبة جميلة أبدعوا جميعا، ولا تمضي دقائق إلا وقهقهات الجمهور ترتفع ضحكا، فهؤلاء النجوم رسموا الضحكة على وجوه الجميع، ومنهم الزوار المتواجدون من مختلف دول الخليج لحضور العرض، ونوجه شكرا خاصا للفنان د.طارق العلي وطاقم عمله على حسن الاستقبال والضيافة وتقدير الصحافة وهذا ليس بغريب عليه.