لو أحضرت أحد البنائين وأحضرت له ما يلزمه من مواد البناء لإقامة جدار وتركته ساعة واحدة وعدت إليه لوجدت البناء قد ارتفع، ومع كل دقيقة تمر تجد إنجازا وتقدما في العمل إلى أن يكتمل، فهذا أمر طبيعي في الحياة، ولكننا للأسف في بلدنا الكويت ننفق أموالا طائلة ونهدر وقتا طويلا ولا نجد إنجازا ولا يرتفع البناء في منافع الحياة، فعلى الرغم من الأموال والجهد وجيش جرار من المعلمين والإداريين في وزارة التربية إلا أن البناء لا يعلو ولا يرتفع!
لقد أصبح التسيب رائدنا، وطلابنا اصبحوا هم الذين يحددون عدد أيام العطلات، فتراهم يصلون العطلة بالأيام التي قبلها والتي بعدها، ونسب الغياب في مدارسنا تكشف مدى الوهن الذي أصاب الجسم التربوي فمن بعد عطلة العيد والأبناء في غياب مستمر، وتكاد تكون أكثر المدارس نسبة الحضور فيها صفرا، وضاعت عليهم ساعات عمل ودراسة وتعطلت عملية البناء لعدم وجود الطلاب وكذلك مصالحنا الحكومية ارتفعت فيها نسبة الغياب ومن حضر من الموظفين قل إنجازه وامتدت العطلة لتشمل باقي أيام الأسبوع وتوقفت الحياة، لأن التسيب الوظيفي أصبح رائد العمل في الكويت، وبات الأمر يحتاج إلى تدخل جراحي لاستئصال هذا الداء الخطير.
والعلاج يكمن في تفعيل لائحة الغياب على الطلاب في مدارسهم، وتقنين الإجازات المرضية لهم ولغيرهم، ووضع امتحانات قصيرة بلائحة معتمدة وبجدول موثق تغطي الأيام قبل العطلات وبعدها، ولا يسمح بإعادة الامتحان لكائن من كان، فالامتحانات القصيرة الملزمة قبل العطلات وبعدها ستجبر الطلاب على الحضور إلى مدارسهم، والعقاب الصارم سيكون بانتظار من يتمادى في غيابه.
وعلى وزارة التربية في العام القادم أن تفكر بجدية في تأخير عطلة منتصف العام الدراسي (عطلة الربيع) وتدمجها مع عطلة الأعياد الوطنية وبهذا نقلل من نسبة الغياب، فلا يعقل أن تتعطل العملية التربوية بهذه الصورة المخزية، وعلى أولياء الأمور ألا يسمحوا بغياب أنجالهم لأي سبب كان ولا يستمعوا اليهم، بل عليهم أن يبادروا بأخذهم إلى مدارسهم ويحرصوا كل الحرص على أن يداوم الأبناء في مدارسهم، خوفا من لائحة الغياب وضياع درجات الامتحانات القصيرة التي لا ولن تعاد.
رحم الله والدينا كانوا في السابق حريصين على الحضور إلى المدرسة وعدم السماح لنا بالغياب عن المدرسة لأي سبب كان، ورحم الله معلمينا الذين كانوا يحببونا في الحضور إلى المدرسة وان كان بعض المعلمين يحث طلابه على الغياب، وعلى وزير التربية وأركان وزارته أن يطبقوا الإجراءات الصارمة على من يتغيب من الطلاب.
أما الموظفون ممن تعودوا وأدمنوا الغياب فلقد آن الأوان لتضرب بيد من حديد، وليكن الخصم رائدنا في تعاملنا مع هؤلاء الموظفين المتقاعسين الذين لا يخافون الله، فساعات العمل المهدورة قيمتها تساوي ثروة تدفعها الدولة لجيش من الموظفين غير المنتجين والمبادرين دائما للانقطاع عن العمل وتعطيل مصالح الناس بغيابهم المستمر وتمارضهم، فالإجازة المرضية للمريض فقط، وكذلك دور الأطباء في منح الإجازات المرضية والتي سيحاسب عليها الطبيب عند الله سبحانه وتعالى.
أما من جعلوا التمارض وسيلة للهروب من أعمالهم وواجبهم فلابد من وقفة معهم، واسألوا مطار الكويت عن المغادرين من الكويت خلال العطلة وبعدها ومتى عادوا إلى وظائفهم لتعرفوا حجم المأساة.. إن تقدم الأمم يتحقق بأيدي أبنائها العاملين الساهرين الكادحين المحافظين على قيمة الوقت والذين ثبت في يقينهم وأصبح ديدنهم أن الوقت ثروة.
قال الشاعر:
انتبه للوقت واحضر جاهدا
أن تعيش الوقت يوما واحدا
قيمة الوقت الذي نحيا به
قيمة كبرى فجئها حاصدها
اللهم احفظ بلدي الكويت وشعبها وأميرها ومن عليها من المخلصين من كل مكروه، اللهم آمين.
[email protected]