في الثاني من نوفمبر الماضي أبرمت الحكومة الفيدرالية الإثيوبية اتفاقا «لوقف الأعمال العدائية» مع «جبهة تحرير شعب تيغراي» أنهى عامين من الحرب.
وبعد ستة أشهر على توقيعه أثبت هذا الاتفاق الذي «لم يؤمن به أحد» أنه يتقدم رغم الصعاب، بحسب ديبلوماسي، إذ إن المدافع سكتت والمساعدات الإنسانية دخلت، لكن لاتزال هناك تحديات كثيرة ماثلة.
ديناميكية إيجابية وينوه مراقبون بـ «حسن نية» الموقعين على الاتفاق. وقال ديبلوماسي إن «الطرفين يعترفان بأن المواعيد النهائية المحددة غير قابلة للتحقيق ويتفقان على عدم جعلها سببا لعرقلة» تنفيذه.
ويؤكد الخبير في الشؤون الجيوسياسية باتريك فيراس أن «الديناميكية إيجابية»، موضحا أن «الطرفين صريحان والتنفيذ سريع نوعا ما» لأنه «لن تحل هذه المشاكل في غضون خمسة أشهر».
ويشرح الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في واشنطن بنجامان بيتريني أن هناك «العديد من النتائج الإيجابية» للاتفاق على الرغم مما وصفه بـ «غموض» حول تنفيذه.
ويضيف أن «التوقف شبه الكامل للعنف» في تيغراي وأيضا «إعادة الخدمات الأساسية (الكهرباء والاتصالات) وإيصال المساعدات الإنسانية (..) هي النجاحات الرئيسية».
ولاتزال الحكومة الإثيوبية ترفض السماح للصحافيين بالوصول إلى تيغراي، لكن وفقا لشخصين زارا الإقليم مؤخرا بشكل منفصل، فقد أعيدت شبكات الاتصالات والكهرباء في المدن الرئيسية.
ومع ذلك، لايزال انقطاع التيار الكهربائي يتكرر ولا تغطي شبكة الهواتف النقالة مناطق كبيرة. وهناك وصول محدود للغاية للسيولة خارج ميكيلي وهي عاصم الإقليم.
ويعد تطبيع العلاقات بين اديس ابابا وتيغراي تقدما آخر.
وتم تشكيل «إدارة إقليمية مؤقتة» بقيادة جبهة تحرير شعب تيغراي فور شطبها من قائمة «المنظمات الإرهابية». واستأنفت السلطات الاتحادية دفع رواتب الموظفين في الخدمة المدنية الاتحادية في تيغراي وميزانية الإقليم.
المجهول: مدى نزع السلاح
ووفقا لبعثة الاتحاد الإفريقي المكلفة مراقبة تنفيذ الاتفاقية، فقد بدأت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بنزع سلاحها في منتصف يناير الماضي. وقامت الجبهة بتسليم أسلحة ثقيلة، واستمرت العملية لكن مداها مازال غير واضح.
وقال ديبلوماسي إن «تقديرات بعثة الاتحاد الأفريقي تشير إلى تسليم ما بين 60 إلى 80% من الأسلحة الثقيلة. في الحقيقة لا نعلم».
وأضاف «فيما يتعلق بالأسلحة الخفيفة، من المعقد نزع سلاح جبهة تحرير شعب تيغراي تماما في بلد تنتشر فيه (الأسلحة الخفيفة)».
وكان من المقرر أن يتزامن نزع السلاح مع انسحاب القوات الأجنبية وتلك غير الفيدرالية - في إشارة إلى الجيش الاريتري وقوات شبه عسكرية من منطقة أمهرة المجاورة. وقدم الجانبان مساعدات للحكومة الإثيوبية لكنهما تغيبا عن المفاوضات.
وتم اتهام هذه القوات بارتكاب جرائم فظيعة. وانسحبت القوات الإريترية من الإقليم.
وأشار ديبلوماسي إلى أنها «بقيت موجودة في مناطق حدودية» بينما تواصل قوات أمهرة السيطرة على «تيغراي الغربية» وهي منطقة متنازع عليها.
عودة غير كافية للمساعدات
وخلال النزاع، حرمت تيغراي وسكانها وهم ستة ملايين شخص من المساعدات، ثم بدأت المساعدات الإنسانية بالدخول إلى المنطقة ولكنها تبقى غير كافية بينما يحتاج قرابة 90% من السكان لها.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (اوتشا) في بداية أبريل الماضي إن «الوصول» إلى شمال اثيوبيا أصبح «أسهل» ولكن المساعدات لا تصل إلى «المطلوب».
وبحسب مصدر إنساني فإنه «في تيغراي، لا تصل المساعدات إلى كل مكان» و«العديد من السكان يواصلون القول إنهم جائعون».
من جانبه، يؤكد المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اثيوبيا جود فهنوي أنه «لايزال هناك عدد رهيب من الحالات الطارئة، وليس فقط في تغيراي بل ايضا في عفار وامهرة المجاورتين» متحدثا عن «سوء التغذية والبنى التحتي الصحية المدمرة والعنف الجنسي والتهجير».
العديد من التحديات وحجم الدمار في شمال إثيوبيا هائل. ويقول باتريك فيراس «ستستغرق إعادة اعمار تيغراي عشر سنوات على الأقل لتعود إلى ما كانت عليه قبل نوفمبر 2020». لكنه يسأل «بأي أموال؟».
وبحسب اوتشا فإنه تم القضاء على شبكة تيغراي الصحية التي كانت فاعلة في السابق. وتعاني 85% من المدارس من ضرر كلي أو جزئي.
وتواجه كافة الأطراف اتهامات بارتكاب فظائع قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية.
وبينما تعمل الحكومة على عملية عدالة انتقالية، يشير ديبلوماسي إلى «رغبة قوية للغاية لدى الجانبين بدفن هذه الجرائم».
ويرى بيتريني أنه «بالإضافة إلى آلية مؤسساتية للمساءلة، فهناك حاجة لمبادرات مصالحة وطنية» من أجل أن «يتمكن المجتمع من ترك هذه الحرب المدمرة للغاية خلفه».
وهناك أيضا قضية تيغراي الغربية التي لاتزال تثير توترات، حيث لا تنوي سلطات تيغراي التخلي عنها بينما يعتبرها قوميو الأمهرة «خطا أحمر».
ويحذر باتريك فيراس من «خطر تأجيل هذه المشكلة إلى أجل غير مسمى».
وقررت الحكومة في منتصف أبريل البدء بعملية استيعاب عناصر قوات محلية أنشأتها سلطات محلية بقرارات أحادية، في الشرطة أو الجيش الفيدرالي. وتسبب ذلك باندلاع أحداث مسلحة في أمهرة.