بيروت ـ عمر حبنجر
الحراك الرئاسي على تواصله داخليا وخارجيا. سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري زار، امس، رئيس الحكومة الاسبق تمام سلام، والوفد البرلماني الاوروبي التقى رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، ونواب الحزب ومعهم النواب المستقلون، وضاح الصادق ونعمة افرام وزياد بارود، ونائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب زار المرشح الرئاسي سليمان فرنجية في بنشعي، في حين التقى البطريرك الماروني بشارة الراعي، النائب غسان سكاف، الذي عرض معه خلاصة اللقاءات التي اجراها مع رؤساء الكتل النيابية، منتهيا الى القول انه يسعى للتوافق على اسم مرشح بمواجهة مرشح الفريق الآخر.. نافيا اي تنسيق او ترابط بين تحركه وتحرك النائب بو صعب.
وعاد الى بيروت، أمس، مدير الشرق الاوسط في صندوق النقد الدولي جهاد ازعور الوارد اسمه ضمن الخمسة المطروحين، لرئاسة الجمهورية حيث سيمضي يومين.
وامام كل هذا الحراك الباحث عن رئيس ضائع في غابة المصالح والانانيات، دعا رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد الفريق الآخر الى التفاهم على اختيار «الرئيس الاصلح لبلادنا في هذه المرحلة لكن لا تقولوا لنا اسقطوا مرشحكم وتعالوا لنتفاهم».
واضاف: «هم لا يريدون الحوار بل ان نتخلى عن مرشحنا وان نستمع لمرشحيهم ونحاورهم ثم يتهموننا بأننا برفض الحوار ورفض التفهم والتفاهم».
ووسط كل هذا يؤكد رئيس مجلس النواب نبيه بري على انه لن يحدد موعد جلسة جديدة لانتخاب رئيس للجمهورية، قبل ان يطرح الفريق الآخر مرشحه، أو مرشحيه، بوجه مرشح فريق «الممانعة»، والغاية هنا، انه مع وجود مرشح منافس هو سليمان فرنجية، فيمكن حينها تأمين النصاب القانوني لانعقاد جلسة الانتخابات، وهو 86 صوتا نيابيا، في الدورة الاولى، بعدها تصبح الاكثرية المطلوبة 65 صوتا وحسب.
وفي الواقع هذا ما تدركه المعارضة، وبالذات «حزب القوات اللبنانية» والحلفاء المتمسكون بترشيح ميشال معوض، رغم استعداده للتنحي، من اجل أي مرشح اوفر حظا، من الخط السيادي المعارض، ولذلك يلوحون بمقاطعة الجلسات الانتخابية، منعا لوصول مرشح «الممانعة» الى بعبدا.
لكن مختلف المساعي والمشاورات تتقاطع عند وجوب انتخاب الرئيس، قبل نهاية شهر يونيو، لسبب جوهري، يتمثل بانتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، في أوائل يوليو، والمطلوب وجود رئيس الجمهورية وحكومة جديدة، ليكون بالمتسع تعيين البديل، في جلسة يترأسها رئيس الجمهورية، ويكون على الحاكم الجديد ان يقسم اليمين امامه، اذ دون هذا القسم، لا يستطيع ممارسة سلطة الحاكم.
بعض الأوساط الحكومية اجتهدت بامكانية قيام حكومة تصريف الاعمال بتعيين الحاكم، حال تعذر ان يقسم اليمين امام «مجلس الوزراء مجتمعا» الذي يفترض حلوله مع رئيس الجمهورية، في حالة الشغور الرئاسي، والعقدة هنا، عند وزراء «التيار الحر» (11 وزيرا)، فغياب واحد من الـ24، يعطل «انعقاد مجلس الوزراء مجتمعا».. بحيث يصبح الـ«ڤيتو» بيد رئيس «التيار» جبران باسيل، مرة اخرى، كما هو الحال مع تكوين نصاب جلسة الانتخاب، من خلال موقف تكتل «الجمهورية القوية» عن حزب القوات اللبنانية، المقاطع.
ونقل عن باسيل، في هذا السياق، انه ونواب «التيار الحر» مستعدون لتكملة نصاب الجلسة و«اخرج من جلسة انتخاب فرنجية دون ان انتخبه»!..
وكلمة «اخرج» حمالة اوجه، فهل يخرج وحيدا أو مع كل نواب التيار الـ17؟.
من هنا يبدو اهتمام فريق «الممانعة» بإرضاء باسيل عبر حفظ مكانته، ونفوذه في العهد الجديد المفترض، فيما نجده يواصل التحرك باتجاه «القوات اللبنانية» التي تقابله بالمثل القائل: «من جرب المجرب كان عقله مخرب».
لكن باسيل الذي لم يقابل بذراعين مفتوحتين، من حليف العهد الذي مضى اي «حزب الله»، سيبقي باب التناغم مفتوحا، مع «القوات»، وعبر اصدقاء مشتركين، على الاقل، قبل ان يجد نفسه مضطرا للعودة، كالابن الشاطر، الى حضن الحزب الحليف القديم، انسجاما مع قاعدة الحق بالاستمرارية مهما كان الثمن.
ويقال ان باسيل تلقى تحذيرا «خارجيا» بعدم تأمين نصاب جلسة انتخاب فرنجية.
وعلى صعيد الحراك الرئاسي الداخلي الذي يقوم به كل من نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، والنائب المستقل غسان سكاف، لا آمال كثيرة معلقة على اختراق الموانع الخارجية، حيث يقول سكاف انه بنتيجة جولته الاستشارية التي شملت «القوات اللبنانية» و«الكتائب» و«تجدد» و«اللقاء ديموقراطي» و«السنة المستقلين» و«التغييريين» و«الاعتدال»، توصل الى اختيار 11 اسما من اصل الـ16 الذين تضمنتهم لائحة بكركي، على ان يقوم بجولة ثانية لاختيار اسمين فقط من بين الـ11، الذين عرض اسماءهم، أمس، مع البطريرك ماروني بشارة الراعي.
سكاف، العائد من واشنطن، نقل عن الاميركيين، قولهم ان الفرنسيين باندفاعتهم، تجاه سليمان فرنجية، ذهبوا بعيدا في اختيار رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وألمح في تصريح صحافي الى انه من بين «الاسماء من يتطلب ايصالها الى بعبدا تعديلا دستوريا»، في اشارة ضمنية الى قائد الجيش العماد جوزاف عون.
وكان بيان وزارة الخارجية الاميركية حول الرئاسة اللبنانية، ومسؤولية القوى الداخلية وحدها، حافظ على غموض الموقف الملتبس للادارة الاميركية، في ظل عدم توازن القوى الداخلية، ما يعني ان اولوية لبنان لدى واشنطن مازالت في مرتبة متدنية.