يقول الجاحظ واصفا الكتاب «فإنه يحيي القلوب، ويقوي القريحة، ويبعث نتائج العقول، ويستثير دفائن القلب، ويمتع في الخلوة، ويؤنس في الوحشة ويفيد ولا يستفيد، ويعطي ولا يأخذ، وتصل لذته إلى القلب، من غير سآمة تدركك ولا مشقة تعرض»، قال الجاحظ مقولته عندما كان الكتاب عزيزا والقراءة فن المثقفين والعلماء والأدباء في زمن كانت القراءة حياة نابضة.
معرض الكتاب الإسلامي الخامس والأربعون الذي أقامته جمعية الإصلاح الاجتماعي خلال الأيام الماضية أعاد للقراءة شيئا من حياتها النابضة وللكتاب عزته وأحيا فن المثقفين والأدباء، والجميل أن هذا المعرض وعلى مدى أكثر من 44 عاما يسعى لإحياء ثقافة القراءة ولم يتوقف إلا في فترة الغزو العراقي الغاشم على الكويت وفي سنة «كورونا» وصاحبت المعرض حملة إعلامية تدعو لتكون القراءة حياة.
ولم يكن معرض الكتاب الإسلامي مجرد معرض أو فعالية تقيمها جمعية نفع عام محصورة بين أعضاء الجمعية والقليل من المهتمين أو تجمع للمكتبات الإسلامية في شارع المثنى بحولي بل أكبر من هذا، فرسالة المعرض كانت موجهة لعموم الشعب الكويتي، ودور النشر المشاركة بلغت 49 دار نشر من داخل الكويت وخارجها وتنوعت الكتب فكريا وأدبيا وعلميا ولم تكن حصرا على ثقافة تيار واحد.. ومما يدل على قوة المعرض وجديته أن جميع البوثات كانت للمكتبات، حيث اعتدنا في بعض المعارض أن تكون هناك بوثات قهاوي ومطاعم ومأكولات وغيرها بحيث يغطي المنظمون قيمة استغلال البوث ولكن في معرض الكتاب البوثات ما بين مكتبات أو مراكز علمية أو أجنحة لإبراز الأنشطة الثقافية للجان جمعية الإصلاح الاجتماعي.
ولم يكن المعرض للكتب فقط بل لتعزيز مفهوم القراءة وإحيائها، حيث أقامت اللجنة المنظمة للمعرض العديد من الورش العلمية الخاصة بالقراءة وصناعة المحتوى والكتابة والتأليف واستضافت مفكرين لنقل تجاربهم في هذه الفنون.. والجميل أن قاعة الورش كل يوم تكون ممتلئة مما يدل على رغبة الناس وتفاعلهم مع القراءة.
جمعية الإصلاح الاجتماعي من خلال إقامة معرض الكتاب الإسلامي واستمراريتها في إقامة المعرض لقرابة نصف قرن أمر تشكر عليه وخدمة مجتمعية راقية تسهم في رقي وتطور المجتمع خاصة انها ركزت على طلبة المدارس ووفرت باصات بشكل مجاني لنقل طلبة المدارس في الفترة الصباحية للمعرض، كما أنها أحيت القراءة في النفوس وأعادت لها شيئا من بريقها.
ونحن نثني على هذه الفعالية في تعزيز قيمة القراءة والاطلاع ونشر الثقافة لا يفوتنا شكر كل المؤسسات الرسمية والشعبية والجمعيات المهنية الخاصة بتعزيز قيمة الثقافة والأدب بدءا من وزارة الإعلام إلى رابطة الأدباء في جميع الجهات المهتمة برقي المجتمعات في أدبها وثقافتها وليس بمادياتها.