٭ أولا: عليك أن تحسن الظن بنفسك فإنك لم تشهد منها إلا الخير وقد بدأ ذلك منذ وعيك بنفسك وبما حولك واستمر بحب متواصل إلى يومنا الحاضر، ورغم أن هذا لا ينفي حدوث أمور سيئة تخللت هذه المدة، إلا أن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال أنها سيئة أو أنها لم تخلص الود لك، بل بالعكس فلقد كانت دائما تبدي لك الخير وتحقق لك الرغبات التي تفرحك وتهون عليك صعوبات الحياة ومشاكلها، ولذلك فإن الإحسان إليها والتسامح والود والتواضع هي الخيار الأنسب للإنسان السوي الذي ينبغي الأخذ به لتمتد مسيرة الود والحب في الحياة وما بعد الممات.
٭ ثانيا: لقد كان ومازال طفلك المدلل الذي من فرط فرحك به أسأت تربيته دون قصد ولم تهتم بتغذيته بالحب المتوازن بل إنك في ذات الوقت الذي غرست فيه الحب واللطف فإنك سقيته الدلال الذي أفسد ذوقه ولا يمكنك أن تلومه على ذلك، بل لابد أن تلوم نفسك فأنت من سقاه ورباه ورغم أنه كان بدافع الحب والاهتمام، إلا أن الحصاد كان سيئا على روحه وروحك، فلقد بات عاجزا عن أن يميز بين مشاعره غير المنضبطة والتعرف على نوايا من يحبه، ولقد كبر ذلك مع الأيام فتحول حبه إلى تبرير لخطاياه من جهة، وإلقاء اللوم على أهله من جهة أخرى، مما تسبب في معاناه مشاعر أرواح كثيرة، إلا أن لطف الله غالب على كل شيء.
٭ ثالثا: أن صفاء الحياة وراحة البال تتحقق عندما نحسن الظن ببعضنا البعض، وعندما تكون علاقاتنا علاقة ود وحب حقيقي، فإنك حينئذ تبني حياتك بشكل صحيح بأن تبني جسورا على كل مستوى، وفي كل زاوية من زوايا النفس والروح، بل انك تبني جسورا داخل نفسك بين روحك وجسدك وبين حالاتك النفسانية، كما أنك تبني جسورا بينك وبين الآخرين وبينك وبين زوجك/ زوجتك، وبينك وبين أبنائك/ بناتك، وبينك وبين العالم الكبير، لكن الجسر لا يحتاج إلى بناء لمرة واحدة بل إنه يحتاج إلى صيانة دائمة، وبدون هذه الصيانة فإنه يضعف وينكسر، لذلك ليكن شغلك الشاغل أيها الإنسان البناء والصون لذلك كله لتحيا سعيدا ومطمئنا.