[email protected]
@Y_Alotaibii
في أحد الأيام كنت أتكلم مع صديق عن مسؤول لم أتعامل معه في حياتي، فقط كنت أسمع من الناس ما يقولون عنه، منهم من يمدحه ومنهم من يذمه وأصبحت في حيرة.
فقلت لصديقي: ناس يمدحون هذا المسؤول وناس يذمونه، وأصبحت فعلا لا أدري هل فعلا هو إنسان جيد أم سيئ.
فقال لي كلمة عجيبة: من يمدحونه هم من يستفيدون منه، ويقضي لهم مصالحهم، ومن يذمونه من يتعامل معهم بتكبر وانتقائية.
وأدركت فعلا: أن الانتقائية في التعامل هي سبب الفساد في كل أمر..
ترى أحدهم يتوفى لديه عزيز فلا يعزيه إلا قليل من الناس رغم قربهم منه ومعرفتهم به. وترى غريب يتوفى له صديق خادمه فيعزيه الكثيرون من كل فج من يعرفه ومن لا يعرفه!
ترى أحدهم يذهب إلى الطبيب ليتلقى العلاج فيعامله بأحسن معاملة في العلاج ويبذل كل ما بوسعه له، وآخر ربما لا يسمح له بموعد بحجة انشغالاته!
ترى أحدهم معاملاته تنتهي وهو يفكر بتقديمها، والآخر يقدم نفس المعاملة وينتظر أشهرا وربما سنوات حتى تنجز، وربما ترفض بسبب الانتقائية في التعامل!
ترى أحدهم مع من مصلحته عنده في أول اتصال يرد عليه مسرعا فرحا، ومن لا يرجو من ورائه مصلحة لا يرد ويتذمر من اتصالاته التي هي في السنة مرة!
فلا يمكن للإنسان أن يطلق على إنسان أنه إنسان فيه خير إلا إذا كان هذا الإنسان تعامله مع الجميع بنفس التعامل، مع الكبير والصغير، الفقير والغني، صاحب المنصب وأقل موظف، لا يفرق في تعامله مع كائن من كان.. فهو يتعامل بإحسان لأنه فعلا إنسان به خير ويحب أن يعامله الله بهذا الإحسان، فيعامل خلقه بما يحب أن يعامل.
ورأيت كثيرا من أمثال من ينتقي بتعامله مع الناس، وخصوصا من يستأمنه الله على عباده وتكون حاجاتهم عنده.. المسؤول والطبيب والمشهور والغني، إن كان تعامله مع جميع الناس سواسية فهذا يستحق أن يمدح ويثنى عليه.
أما من ينتقي في التعامل: يتلطف مع صاحب المصلحة ويسيء التعامل مع من لا مصلحه عنده.. فهذا من أقبح الصفات.
فمن رزق الله على عباده عندما يضع عندهم المسؤولية ويسوق الناس إليه لحاجاتهم، فهو في بلاء ينظر الله إليه أيشكر أم يكفر كما كان مع سليمان، قال سبحانه على لسانه:
(قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقراً عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم).
وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين»، فالفقراء والمساكين وكل من هم اقل منك عندما تتعامل معهم احسن معاملة فهذا يصدق حسن أخلاقك.
اللهم كما حسنت خلقنا فأحسن خلقنا.