من أهم الدروس التي تعلمناها في كلية الطب هو أن نقول «لا نعرف»، وهذه المسألة من أهم الأشياء والمبادئ الأساسية، حيث إن الطبيب الناجح الحقيقي عليه أن يكون أمينا وحاميا وصائنا لحياة المريض، لذلك من الحيوي والضروري أن يعرف متى يقول «لا أعرف»، وأن يعرف متى يحول المريض لزميل مختص في الحالة أو أكثر منه خبرة، وهذا هو الأمر السليم والصحيح على العكس من الدكتور جوجل Dr google حيث إنه «لا يعرف» قول «لا أعرف»! وهذه سلبية خطيرة علينا الإضاءة عليها.
إن التخصص الطبي المهني الحقيقي هو الطريق الحديث لممارسة تشخيص وعلاج المرضى مع هذا الكم الهائل من المعلومات المتجددة والتفاصيل المتشعبة، وخاصة مع دخول عصر الطب المبني على الإحصاء الحديث evidence based medicine حيث قراءة البروتوكولات التشخيصية والعلاجية تتوافق مع شهادات معتمدة وتدريب «حقيقي» ضمن قواعد وأسس نظامية، فليست المسألة حالة فوضوية وغير مقبول أن تصبح ممارسة المهنة الطبية ضمن «طبيب بتاع كله؟!» إذا صح التعبير من دون ضوابط وقواعد، تحكم وتنظم المسألة.
لقد أصبح لدينا مع وجود عالم الإنترنت، من يعتقد أنه تلقائيا سيصبح «طبيبا» فقط مع حصوله على بعض المعلومات البسيطة والشعبية من هنا وهناك، وهذه ظاهرة منتشرة ليس فقط مع «عامة» الناس، ولكن للأسف الشديد تتم ممارستها مع «بعض» الزملاء الأطباء، حيث إن «البعض» يكون في تخصص معين، لكنه يتكلم في تخصص آخر ليس له به أي علاقة أو ارتباط! وحديثه لا يمثل «مرجعية فنية» وقد يكون فيه الكثير من الأخطاء العلمية.
علينا أن نعرف أن الطب وممارسته ليست فقط «تجميع» معلومات طبية وليست إعادة تدوير معلومات وبيانات مأخوذة من الإنترنت، وليس الاختصاص الطبي هو شهادة السبع سنوات الأولية فقط، بل إن هناك سنوات تخصص لاحقة، وكذلك دراسة أخرى وتدريب ممتد لفترة لا تقل عن الخمس سنوات، لذلك على سبيل المثال من هو متخصص في الجراحة عليه العمل والحديث في مجاله كما هو الحال مع طبيب الباطنية مرورا بباقي التخصصات.
للأسف الشديد هناك «البعض» في تخصص مختلف ويتحدث عن أمور دقيقة بتخصصات أخرى ليست له بها أي علاقة! وينصح المرضى في الأمراض الباطنية أو السكري! أو التطعيمات أو السمنة! فيصبح في تلك الحالة «الدكتور جوجل» Dr google وهذا خطأ و«تداخل» في التخصصات وقد يسبب الخطر والضرر للناس ناهيك عن نشر الجهل والمعلومات الخاطئة.