الرياض - علي إبراهيم
بطريقة مبتكرة جمعت ما بين التراث والحداثة، حلت المملكة العربية السعودية معادلة التحول السياحي شديدة التعقيد، لتستغل مقدراتها التاريخية التي تحاكي جميع عصور الدول السعودية، وصولا إلى ما تعيشه المملكة حاليا من طفرة غير مسبوقة على كل الأصعدة لتكون نهضتها السياحية غير مسبوقة، لتجعلها واحدة من أكثر الوجهات تنافسية في المنطقة. لم يكن نجاح المملكة في التحول إلى قبلة سياحية أمرا وليد الصدفة، بل جاء إثر توجيهات ورعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وفكر استشرافي من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، والذي حفز المملكة بعقولها الوطنية الخالصة، نحو تنفيذ خطة التحول السياحي التي أبرزت تاريخ المملكة الثري بالأحداث أمام جميع زوار المملكة.
وبينما كانت الرياض شاهدا على الكثير من الأحداث ومجريات السياسة السعودية على مر الأزمان، ظلت شاهدا في العصر الراهن على الإنجازات الاقتصادية وبالأخص السياحية التي تشهدها المملكة، إذ استطاعت الجهات المعنية استغلال مواقع التراث الشاهدة على تاريخ الدولة بصورة مبتكرة وأكثر حداثة لتصبح قبلة للسياح من جميع أرجاء المعمورة بعدما حافظت على هويتها التاريخية بحلة عصرية جعلت من الرياض شاهدا على الماضي والمستقبل.
«الأنباء» وبدعوة من الهيئة السعودية للسياحة زارت الرياض، وبدأت رحلتها تحديدا من «قصر المصمك» وسط الرياض، والذي تحول إلى وجهة سياحية غنية بأحداث في تاريخ تأسيس المملكة، إذ تحكي كل خطوة داخل جنبات القصر جزءا شيقا من التاريخ السعودي، إذ بني القصر في القرن الـ 14 الهجري، بعهد الإمام عبدالله بن فيصل، وكان مسكنا له، وبيتا للحكم والمال، ويعد حصنا منيعا يحمي من الأعداء، لذلك امتاز بمتانة جدرانه وارتفاعها، وليس له نوافذ أو شبابيك أو فتحات، سوى مدخلين ومنافذ صغيرة تتسع لفوهات البنادق وقت المعارك.
واستطاعت المملكة تحويل القصر إلى قبلة سياحية تحكي حقبة توحيد المملكة، في صورة حية يرى فيها زائر القصر ملابس الجنود وأسلحتهم، وآثار معركة استرداد الرياض المتمثلة في أثر رمح «ابن جلوي» على باب حصن المصمك، إذ قاد الملك عبدالعزيز رجاله في المعركة عام 1902م وكان بينهم الأمير فهد بن جلوي، وقد رمى رمحه بقصد إصابة عجلان بن رشيد لكنه استقر في الباب وأحدث شرخا بقي أثره شاهدا على قصة بطولة أحد أهم أعوان الملك المؤسس، يأتي ذلك إلى جانب الطراز المعماري الفريد الذي استطاعت المملكة الحفاظ عليه ليجعل زائر المكان يعيش تجربة فريدة من نوعها يمكن اعتبارها رحلة عبر الزمن.
حي الدرعية
ومن قصر المصمك إلى حي الدرعية الذي يحكي تاريخ امتد على مدار عقود طويلة عبر مدينة تاريخية يعود إنشاؤها إلى عام 1446 ميلادية، لتطلعك من خلال أحيائها القديمة، ومعالمها التراثية، ومقوماتها الطبيعية الفريدة، على تاريخ المملكة العربية السعودية العريق، إذ تحظى بموقع استراتيجي في شمال غربي مدينة الرياض، على ضفاف وادي حنيفة، لتكون ضاحية ثقافية بمستوى عالمي، إذ تحتضن مبانيها القديمة متاحف تمكنك من استكشاف صور من الماضي.
وفي الدرعية سجل حي الطريف ضمن قائمة التراث العالمي بمنظمة اليونيسكو عام 2010، الذي يروي قصة تاريخية مدعمة بقلاع أثرية ذات طراز معماري فريد ينقلك في رحلة عبر التاريخ ما يشكل عنصر إبهار لزوار المكان، يزيده التوازن الذي صنع بالمكان عبر مساحات خضراء تضفي لمسات جمالية وتتيح متنفسا طبيعيا، إلى جانب ما يتاح للزوار من فعاليات موسمية وعروض شعبية، ويستمتعون بالطبيعة البيئية المتنوعة، والفن المعماري المدهش، وارتياد أسواق ومطاعم ذات طابع تقليدي أصيل.
مطل البجيري
شكل مطل البجيري تجربة تاريخية بروح عصرية إذ يتيح لزواره خيارات تسوق ونكهات طعام عالمية عبر مجموعة مختارة من المطاعم العالمية وتشكيلة المتاجر الحصرية، فيما يوفر المطل فرصة لقضاء لحظات من المشي في الهواء الطلق محاطا بتاريخ عريق تحتضنه الدرعية، وذلك على مساحة تصل إلى 15 ألف متر مربع توفر خيارات متناسقة تناسب كافة الأذواق.
بوليفارد الرياض
ومن الرياض التاريخية إلى الرياض العصرية يظهر بشدة «بوليفارد الرياض» كواحد من أبرز الوجهات التي تلقى رواجا وإقبالا في العاصمة السعودية، ففي منطقة البوليفارد الأولى يظهر جليا طموح السعودية بشبابها الذين يسطرون تجربة مميزة للبيع بالتجزئة للعديد من المنتجات الجذابة، إلى جانب سلسلة المطاعم التي تطل على نافورة تثري تجربة تناول الطعام السعودية بلمسات عصرية.
ومن خلال «تلفريك» يربط البوليفارد الأول بالثاني يمكن للزوار الانتقال إلى البوليفارد الجديد الذي يوفر لهم خيار الانتقال حول العالم في تجربة مميزة ومثيرة، إذ يمكنك من خلال البوليفارد زيارة دول أسيوية بطابعها وثقافتها وتراثها إذ استنسخت المملكة أجزاء من أشهر الأماكن في دول آسيوية وصولا إلى عروض استعراضية وحفلات تقدمها فرق هندية، لتسافر بعدها عبر شمال أفريقيا وتخوض تجربة الحياة بالمغرب، وتنتقل مجددا إلى الشواطئ الأوروبية عبر اليونان ومنها تتعمق إلى إيطاليا وغيرها من الدول لتصل إلى الولايات المتحدة الأميركية في تجربة مثيرة تناسب كل المراحل السنية.
ووسط البوليفارد تجذب «النافورة الراقصة» التي تعد واحدة من الكبريات في المنطقة، كافة الزوار في تجربة استثنائية تشيع أجواء من البهجة بصورة دائمة على كافة الزوار، لتنهي فقراتها اليومية بحفل من الألعاب النارية، التي تمثل احتفالا يوميا في سماء الرياض.
12 مليون زائر في 90 يوماً
جذبت مواسم السعودية منذ انطلاقها في 2019 العديد من الزوار حيث سجل موسم الرياض الأخير الذي انطلق تحت شعار «فوق الخيال» نجاحا كبيرا ووصل عدد الزوار إلى 12 مليون زائر خلال 90 يوما إذ يبدأ في شهر أكتوبر ويستمر لـ 3 أشهر. وفي المقابل وصل عدد زوار موسم جدة إلى 6 ملايين زائر من داخل المملكة وخارجها، وموسم عروس البحر الأحمر - جدة له نكهة خاصة فيهل مع فصل الصيف ويقدم فعاليات صيفية حماسية تبدأ من شهر مايو حتى شهر يونيو وتحوي فعالياته مزيجا من المعارض الفنية والثقافية والترفيهية لعرض تاريخ المدينة وتراثها.
«روح السعودية» دليلك إلى رحلة مميزة
تتيح المملكة العربية السعودية لزوارها من أي مكان إمكانية التخطيط لرحلاتهم، وذلك عبر موقع «روح السعودية» الذي يوفر لهم أبرز أساسيات السفر، إذ يمكن الزوار من إنشاء برنامج يوم بيوم لرحلاتهم ليكون مخصصا لاكتشاف الجواهر الخفية في المملكة العربية السعودية، عبر اختيار الوجهات وتاريخ الرحلة والمعالم السياحية المحلية التي يرغب في زيارتها.
ويتيح «روح السعودية» تقويما خاصا بالفعاليات، بالإضافة إلى التجارب السياحية، إلى جانب خريطة تفاعلية تحدد لك أهم الوجهات، ليمكن زوار المملكة من تخطيط رحلة مميزة بكل أريحية ويسر.