كلمة العنف من أصل يوناني وتعني استخدام القوة بغض النظر عن شرعية استخدامها، ويعرف العنف بأنه التعبير عن القوة الجسدية التي تصدر ضد النفس أو ضد أي شخص آخر بتعمد أو إرغام الفرد على هذا الفعل نتيجة شعوره بالألم بسبب ما تعرض له من أذى. ويستخدم العنف كأداة للتأثير على الآخرين، ويأخذ صورا مختلفة في جميع أنحاء العالم، ويتدرج ما بين الضرب بين شخصين والإيذاء الجسدي وينتهي إلى الحرب والإبادة الجماعية التي يموت فيها ملايين البشر، ولكن لا يقتصر العنف على الإيذاء البدني، بل يسبب الإيذاء النفسي أيضا.
وللعنف أسباب متعددة، منها العنف الأسري الذي يكون داخل الأسرة بالشتم أو الضرب والتحقير سواء للشخص نفسه أو لغيره من أفراد الأسرة، ما يولد العنف الذي يرى أنه المتنفس الوحيد ويمارسه خارج البيت. وكذلك إن الشعور بالنقص لقلة الإمكانات المادية والاجتماعية يؤدي إلى مقارنة الشخص نفسه بالآخرين ويبحث عن طريقة للفت انتباههم.
والإعلام هو من الوسائل المهمة وخاصة فيما يبثه من ثقافة، حيث إنه في معظم الأوقات لا يبث برامج توعية أو برامج تنمي روح المبادرة والإيثار والحث على العمل التطوعي والتفكير والإبداع، بالإضافة إلى المسلسلات والبرامج التي لا تعطي القيم ولا تحث على غرس الفضيلة والنزاهة.
وكذلك انتشار البطالة بين الشباب قد يكون لها الأثر على تولد العنف وتنميته بالإضافة إلى ضعف الإيمان وضعف الدين، ما يجعل بعض الشباب يلتحقون بالجماعات المتطرفة التي تتخذ من العنف وسيلة للتعبير عن أفكارها وآرائها. وضعف الحوار مع الشباب وخاصة في محيط الأسرة وضعف القدرة على الإقناع الثقافي والديني لدى بعض المتخصصين من خلال وسائل الإعلام والتعامل بسطحية مع مشاكل الشباب، فكل ذلك يؤدي إلى العنف، وقد تكون الفروق الفردية بين طبقات المجتمع والحسد والحرمان والنفاق والعصبية أحد أسباب عدم الرؤية والتبصر للشباب، ما يجعلهم سريعي الغضب ويلجأون إلى العنف.
ولتجنب العنف لابد من العمل على زيادة الوعي الديني والأخلاقي والتربوي والتعريف بحقوق كل فرد من الأفراد ودراسة وضع الأنظمة والتشريعات التي تضبط سلوكيات التعامل سواء في المدرسة أو العمل.
ويجب تعزيز الدور الإعلامي لمكافحة هذه الظاهرة وإجراء البحوث لوضع الحلول وتوفير وسائل الترفيه السليم والنافع للشباب ووضع برامج تثقيفية لكل فئات المجتمع سواء كانت للمقبلين على الزواج أو لأي مشاكل أسرية أو للأطفال في المدارس، فالعمل على إشباع احتياجات الأسرة النفسية والاجتماعية والسلوكية والمادية وتجنب بعض الأسباب التي تؤدي إلى العنف الأسري والمساواة في التعامل مع الأبناء وعدم الاعتماد على المربيات الأجنبيات في تربية الأبناء والابتعاد عن مشاهدة مناظر العنف على القنوات الفضائية والإنترنت له الأثر الكبير في التصدي للعنف.
ويجب إدراج حقوق الأسرة والوقاية والتصدي للعنف الأسري ضمن المناهج التعليمية في جميع المراحل، وكذلك الالتزام بالتعاليم الإسلامية وتطبيقها في الحياة الأسرية لها أكبر الأثر في الحد من ظاهرة العنف على جميع المستويات، وهنا يأتي دور الأئمة والخطباء لتوضيح نظرة الشرع في العنف وتوعية الجمهور.