يقال في اللغة: دانه يدينه دينا، أي جازاه، قضى بذلك الحكم العدل، والجزاء من جنس العمل فكما تفعل يفعل بك، إن كان خيرا جزيت خيرا وإن كان شرا جزيت شرا، وهذه حكمة تناقلها الناس قديما، ومنهج قويم للحياة، كما أنها سنة كونية جعلها المولى عز وجل عظة وعبرة لنا، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، ابن آدم اصنع ما شئت فكما تدين تدان». صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي ذلك يقول الحطيئة:
من يزرع الخير يحصد ما يسر به
وزارع الشر منكوس على الراس
والعرب تقول: دنته بما صنع، ومما وعد الله تعالى عباده المؤمنين قوله: (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان - الرحمن) وأشد الدين وأسرعه مجازاة عقوق الوالدين والظلم، روي أن امرأة من قبيلة عبدقيس كان لها ابن عاق اسمه سعد بن قرط بن سيار ويلقب بالنحيت الحدري، كان شريرا عاقا بأمه يشتمها ويؤذيها ـ والعياذ بالله ـ حتى أنه هجاها فقال فيها:
خرقاء بالخير لا تهدي لوجهته
كذاك صناع الأذى بالأهل والجار
وهو هنا يصفها بالخرق وسوء التدبير والحمق وغير ذلك، ولكن الله يمهل ولا يهمل وهو بالمرصاد، ثم تمضي الأيام دون أن يرتدع أو يخاف الله في أمه، ويتزوج وينجب ابنا فيسلطه الله عليه ويرى من عقوقه أضعاف ما كان يفعله بأمه التي كانت تنصحه وتعظه دون جدوى، وكل يوم يزداد عقوقا وشرا فيندم ولكن بعد فوات الأوان، وكما تدين تدان، وقد قال لابنه بعد أن اشتد أذاه له:
حذار بني البغي لا تقربنه
حذار فإن البغي وخم مراتعه
وهذا ما رآه في الدنيا، فكيف حاله عندما يلاقي المولى عز وجل، والحذر من ظلم من لا ناصر له فيكون خصمك الله، (من يعمل سوءاً يجز به). ودمتم سالمين.