الدوحة - مفرح الشمري
ضمن عروض مهرجان الدوحة المسرحي في دورته الـ 35، قدمت شركة تذكار للإنتاج الفني عرضها المسرحي «المغيسل»، تأليف: تميم البورشيد، إخراج: محمد الملا، تمثيل كل من: عبدالله الملا، منذر ثاني، محمد علي الملا، أحمد ميا، محمد المطاوعة، جاسم عاشير، لولوة النصر، سهام العيرج، سعود العبدالله، وذلك على خشبة مسرح الدراما بالحي الثقافي «كتارا» وسط حضور جماهيري غفير.
يحسب لشركة تذكار للإنتاج الفني مشاركتها في هذا المهرجان الذي تقيمه وزارة الثقافة القطرية، وذلك من باب دعم الشباب المسرحي القطري العاشق للمسرح لتقديم تجاربهم على الخشبة، ويحسب أيضا لفريق العمل تلك التجربة المهمة في حياتهم كونهم لم يدرسوا المسرح وشاركوا في هذا المهرجان الاحترافي.
دارت فكرة المسرحية في قالب ميلودراما يغلب عليه السوداوية من خلال شخصية «أيوب» الذي يعمل في غسل الأموات «المغيسل»، وعاش حياة مريرة منذ ولادته مع زوجة أبيه، حيث ولد ولا يعرف مصير أمه، ويتحول «أيوب» مع مرور الوقت إلى شخص شرير وعدواني، ويحول «المغيسل» إلى غرفة للانتقام من أعدائه، فكمية الشر في قلبه كبيرة لدرجة انه بالأخير وبعدما قضى على كل من آذاه يقتل نفسه.
قدمت المسرحية العديد من الرسائل الاجتماعية والإنسانية التي تدور بين الحياة والموت في أسلوب مباشر لتوعية المتلقي أن الشر لا يولد مع الإنسان وهو موجود وبدرجات مختلفة في قلوب البشر، فيجب علينا أن نتحكم في أنفسنا حتى عندما نواجه من تسببوا في زراعة هذا الشر في قلوبنا وقتلوا أحلامنا التي نريد أن نحققها في الحياة.
الرؤية الإخراجية للمخرج الشاب محمد الملا كانت بها لمسات جميلة، وقد وظف الموسيقى بشكل جيد يتناسب وأحداث العمل، واستفاد من الديكور الذي صممه حسين الحسن، إلا أن كثرة «الفلاش باك» أثر على العرض، لاسيما انه تم استخدامه بشكل زائد وكأننا نتابع عملا تلفزيونيا أو سينمائيا، بالإضافة إلى أن العرض كان يسير على «تون» واحد فقط من بدايته حتى النهاية على الرغم من الصراعات الموجودة في القصة إلا أن المخرج لم يستغل هذا الأمر.
الغريب في الأمر أن صناع العمل كانوا يقولون إن أحداثه «لا زمان لها ولا مكان»، لكن شاهدنا المخرج يلجأ الى «اليلوة» التي تستخدم في أعراس دول الخليج وتعتبر موروثا شعبيا ومرتبطا بزمان ومكان، فهل جاء هذا عن قصد أم مجرد مشهد؟ للأسف كان مشهدا مقحما لم يعرف المتلقي الهدف منه!
وبالنسبة لأداء الممثلين، فقد كان على وتيرة واحدة وغلب عليه البكاء والحزن والسوداوية غير المبررة، ووسط هذه الأجواء الكئيبة كان أداء الممثلة لولو النصر لافتا، وكذلك أداء الممثل منذر ثاني والطفل سعود، وذلك في مشاهد متعددة من العرض.
مسرحية «المغيسل» تجربة شبابية قطرية من جميع النواحي تحمل بين طياتها طموح شباب يريدون أن يقدموا أنفسهم في المسرح القطري بشكل مغاير، هؤلاء الشباب يستحقون الدعم لتحقيق طموحاتهم، لكن عليهم ألا يلتفتوا للمديح الزائد الذي قيل بحقهم في الندوة التطبيقية، وعليهم في تجاربهم القادمة أن يدرسوا ما يقدمونه جيدا، وان يستمعوا إلى نصائح من سبقوهم حتى يقدموا عروضا تحمل بين طياتها المتعة والفرجة وتتماشى مع النصوص التي بين أيديهم، وأن يبتعدوا عن «الفلسفة الزايدة» التي يقدمها حاليا بعض المسرحيين في الخليج حتى يستفيد المتلقي!