أما وقد انتهت الانتخابات الرئاسية التركية بفوز محقق للرئيس رجب طيب أردوغان، فإن الأنظار تتجه إلى خططه وسياسته ما بعد الفوز، كما تتجه إلى الطرف المقابل ومصير تحالف «الطاولة السداسية» المعارض وما إذا كان سيستمر أم ستتفكك أركانه بعد خسارة مرشحهم مرشح زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليتشدار أوغلو، خصوصا ان ما كان يجمعها هو هدف إسقاط أردوغان فقط، فيما ينتظر أن تظهر الاختلافات بين أحزابه المختلفة الانتماءات يمينية كانت أويسارية أو حتى إسلامية.
وأربك أداء أردوغان القوي في جولتي الانتخابات إضافة إلى احتفاظه بالأغلبية في البرلمان، معارضيه الذين اعتقدوا أن الناخبين سيعاقبونه على استجابة الدولة التي اتسمت في البداية بالبطء لكارثة الزلازل التي حلت بها في فبراير.
لكن بعد الجولة الأولى في 14 مايو والتي شملت انتخابات برلمانية، خرج حزب العدالة والتنمية بأكبر عدد من الأصوات في 10 أقاليم من أصل 11 ضربتها الزلازل مما ضمن له التمتع بأغلبية برلمانية مع حلفائه.
وفي هذا السياق، قالت شبكة «سي ان ان تورك» إن كليتشدار أوغلو أجرى «تقييمات مفصلة قبل وبعد اجتماعه بالقادة الستة ليلة أمس الأول، وعرض عليه مسؤولو حزبه الاستقالة لكنه أجاب قائلا: «هذا قرار مبكر»، كما أن هناك إشارات بأن الشعب الجمهوري سيقوم بمراجعة داخلية معمقة ولن يتجاهل الهزيمة وسيجري تغيرات داخل كوادره».
وقد أعاد ناشطون ومن باب التذكير نشر تغريدة لكليتشدار أوغلو تعود لعام 2012 عقب ترؤسه لحزب الشعب الجمهوري قال فيها: «مستحيل قطعا أن أتصلب على كرسي وأبقى فيه إلى الأبد. هذه الأيام قد ولت».
وقال أتيلا يسيلادا المحلل لدى غلوبال سورس بارتنرز «بالنسبة للمعارضة فالأيام القادمة صعبة جدا»، وقال إن من غير الواضح إن كان تحالف المعارضة سيبقى كما هو.
وستقلق هزيمة كليتشدار أوغلو على الأرجح حلفاء تركيا في حلف شمال الأطلسي إذ تسببت صلات أردوغان بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في إثارة مخاوفهم. وهنأ بوتين «صديقه العزيز» أردوغان بالنصر.
وكتب الرئيس الأميركي جو بايدن على تويتر «نتطلع لمواصلة العمل معا كحلفاء في حلف شمال الأطلسي على القضايا الثنائية والتحديات العالمية المشتركة». قبل ان يجري الرئيسان اتصالا هاتفيا امس.
ومنح الفوز الانتخابي أردوغان تفويضا لمواصلة سياساته الداخلية التي تسببت باستقطاب حاد داخليا لكنها عززت موقع بلاده كقوة عسكرية في المنطقة.
واعتبرت الانتخابات أكبر تحد سياسي يواجهه أردوغان إذ كانت المعارضة واثقة من قدرتها على الإطاحة به والتراجع عن السياسات التي ينتهجها بعد أن أظهرت استطلاعات رأي أن أزمة الارتفاع الحاد في تكلفة المعيشة أضعفت موقفه.
لكنه تمكن من الحصول على 52.2% من الأصوات بينما حصل كليتشدار أوغلو على 47.8%. وعزز ذلك من صورته كشخص لا يهزم.
ووصف منافسه كمال كليتشدار أوغلو الانتخابات بأنها «أكثر انتخابات غير عادلة منذ سنوات» لكنه لم يشكك في النتيجة.
واحتفلت صحف موالية للحكومة، هي جزء من مشهد إعلامي يغلب عليه التأييد لأردوغان ودعم حملته الانتخابية، بفوزه. وجاء عنوان صحيفة الصباح التركية «فاز رجل الشعب.. فتحنا الباب لقرن تركيا».
وقال ألتاي شاهين، وهو عامل بناء في إسطنبول: «إنها نتيجة جيدة لأن طيب أردوغان قائد جيد ويعرف ما يريده الناس. إذا كان الناس يصوتون له منذ 20 عاما فهو بالتأكيد زعيم ناجح».
وقالت صحيفة حريت اليومية بجوار صورة للحشود الضخمة التي اجتمعت خارج القصر الرئاسي في العاصمة أنقرة لتستمع لخطابه بعد الفوز «النصر حليف أردوغان مجددا.. والرابحة هي تركيا».
وقال أردوغان للحشود في خطاب يعرف بـ «خطاب الشرفة» إن «الرابحة هي ديموقراطيتنا.. الوقت قد حان لوضع خلافات وصراعات فترة الانتخابات جانبا ولأن نتحد حول أهداف أمتنا».
وقالت هوليا يلدريم، وهي محامية: «أنظر إلى الناس من حولي ممكن كانوا يؤيدون المعارضة وأجد أن كلهم ممتعضون.. نسينا أي ربيع في هذا البلد، يجب أن نأتي نحن بربيعنا الخاص لأن الناس سعداء على ما يبدو بالشتاء».
وهبطت الليرة لمستوى متدن قياسي جديد أمام الدولار وسجلت 20.08. وفقدت العملة التركية 90% من قيمتها في العقد المنصرم بسبب أزمة في العملة وتضخم منفلت.
والخسائر الأحدث في قيمة العملة مدفوعة بالغموض الذي يكتنف ما يعنيه فوز أردوغان للسياسة الاقتصادية.
ماذا قالت الصحافة الغربية عن «الزعيم الذي لايقهر»؟
وكالات: شغل فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بولاية رئاسية جديدة متقدما على خصمه مرشح المعارضة كمال كليتشدار اوغلو حيزا واسعا من تغطية الصحافة الغربية المقروءة والمرئية. وقالت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، إن الرئيس التركي «تمكن من قراءة الناخبين أفضل من المحللين وشركات استطلاعات الرأي».
وعنونت صحيفة نيويورك تايمز «الرئيس أردوغان يفوز في الانتخابات مجددا بعد أكبر تحد حتى الآن»، فيما قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن «زعيم البلاد الأطول خدمة يهزم منافسه الأساسي في جولة الإعادة».
ورأى موقع «بلومبيرغ» الاخباري، أنه من المرجح «في السياسة الخارجية أن تشهد تركيا في ظل خمس سنوات أخرى من حكم أردوغان، استمرار الدفاع عن استقلالها في صراع النفوذ بين الشرق والغرب في كل ملف انطلاقا من التجارة وصولا إلى الحرب في أوكرانيا».
ولفتت صحيفة «دي فيلت» الألمانية في خبر تحت عنوان «أردوغان الفائز بلا منازع»، إلى أن «المعارضة كان لديها الفرصة لهزيمة أردوغان، إلا أنها استخفت بالشعبية التي يتمتع بها بين الجماهير». واعتبر موقع «بوليتيكو» الإخباري أن «أردوغان تركيا فاز مجددا». وقالت صحيفة «لوموند» الفرنسية «سيد أنقرة رئيسا للمرة الثالثة».
واعتبر موقع «فرانس 24» الفرنسي، أن أردوغان خالف «التوقعات بأن تنهي الانتخابات الرئاسية مشواره السياسي، بإعادة انتخابه مجددا لولاية ثالثة ستمدد حكمه المتواصل منذ عشرين عاما». وأضاف أنه خلال العقدين اللذين قضاهما في السلطة «احتفظ أردوغان (69 عاما) بصورة الزعيم القوي الذي لا يقهر».