«زمن الطيبين»، مصطلح يطلق على الفترة الزمنية التي عاشها الناس بروح اجتماعية مترابطة، وقيم أخلاقية راقية من تواصل وترابط وتراحم فيما بينهم ومن دون مؤثرات خارجية وبتكاتف وصدق في التعامل.
«زمن الطيبين» هو الزمن الذي كانت كل مؤسسات الدولة فيه تتحمل مسؤوليتها كاملة وبصدق وتفان في أداء دورها ولا تجد قصورا يذكر في أداء المؤسسات الرسمية، فلا شوارع سيئة ولا أبنية فيها غش تجاري ولا معاملات تجارية بالغش والتزوير واستغلالية ولا سرقات من المناقصات.
وكانت من ضمن هذه المؤسسات وزارة التربية التي كانت ترى أن التربية تتجاوز أسوار المدرسة، وأنها مسؤولة عن أخلاقيات الطلبة وتنمية مهاراتهم وتربيتهم حتى خارج الدوام المدرسي، فكان من هذه الأدوار فتح الأندية الصيفية التي تؤهل الطلبة وتنمي هواياتهم خلال العطلة الصيفية، وتُخرّج من هذه الأندية ممثلين ولاعبين ومطربين فنانين.
وبعد انتهاء زمن الطيبين، جاء زمن تراجعت فيه الهوية الأخلاقية والقيمية وضعفت العلاقات الاجتماعية وظهر الفساد الإداري والمالي في المؤسسات والوزارات، وكثرت المؤثرات وزادت الأفكار المنحرفة والهدامة المستوردة التي غزت بيوتنا وعشعشت في أدمغة أبنائنا وأصبحت تربية الأبناء هما كبيرا، وصار إشغال وقتهم خاصة في العطلة الصيفية الشغل الشاغل لأولياء الأمور وغابت الأندية الصيفية ومن بعدها غاب أو ضعف دور المؤسسات الرسمية المعنية برعاية الشباب وإشغال وقتهم، حتى مراكز الشباب وإن أدت بعض الأدوار إلا أنها محدودة.
أضف لكل ذلك إغلاق معظم الأماكن الترفيهية في الكويت، وصار لا يوجد اليوم إلا مكان أو اثنان يمكن أن نطلق عليها أماكن ترفيهية والحجز فيها بالأيام، وأصبح الفراغ وسهر الأبناء وكثرة المشاكل بينهم في البيت سمة من سمات العطلة الصيفية.
وفي خلال رحلتي للبحث عن مكان ليقضي فيه الأولاد وقتهم في الصيف بشكل على الأقل مفيد وترفيهي وبالوقت نفسه يستفيدون إما رياضة أو ثقافة، استوقفني عدد الأندية وحلقات القرآن التابعة لجمعية الإصلاح الاجتماعي المنتشرة ليس على مستوى المحافظات بل على مستوى المناطق وتغطي جميع الكويت وتضاف للأندية حلقات القرآن الكريم وسفرات العمرة ورحلات شبابية لبعض الدول المحافظة ناهيك عن الدور الأخلاقي والقيمي الذي تؤديه هذه الأندية من تربية الشباب والنشء على المحافظة على الصلوات والدروس والمحاضرات الأخلاقية.
جمعية الإصلاح تأسست عام 1963، أي مضى عليها 60 عاما، ومر عليها كثير من رجالات الكويت ممن عرفوا بالتدين والسمعة الطيبة، وعلى مدى كل هذه السنوات لم نسمع عنها أي انتهاكات أمنية أو تخطيطات سرية، بل كانت بصماتها المجتمعية واضحة في العمل الخيري والثقافي والشرعي والتربوي على مستوى الكويت.
هناك جمعيات نفع عام أخرى تهتم بالنشء والشباب، ولا يبخس حقها أو دورها عاقل، ولكن حسب علمي أنها محدودة جدا ومناطقية، لكننا هنا من باب الإنصاف نثني على جهود جمعية الإصلاح في اهتمامها بالنشء والشباب، سواء للأولاد أو البنات، واهتمامها بالمساهمة في تربية الأبناء وإشغال وقت فراغهم، ونحن حاليا أحوج ما نكون لإشغال وقت الأبناء وإخراجهم من جو الفراغ القاتل والسهر، واستقبال الكم الهائل من القيم الأخلاقية السيئة عبر الهواتف التي أصبحت اليوم الوسيلة الوحيدة وغير المراقبة للأبناء.
كل الشكر والامتنان لكل جمعية نفع عام تسهم في مساعدة أولياء الأمور على تربية وتثقيف أبنائنا، ونتمنى أن مؤسسات المجتمع المدني تجعل جزءا من مسؤولياتها المجتمعية وبرامجها إقامة الأندية والفعاليات التربوية للأبناء والبنات.