هذا مثل شعبي حفظناه من الآباء والأجداد حينما كانت الحياة بسيطة ورائعة. اليوم، وفي هذه الظروف الاستثنائية المحيطة بنا، نحن أحوج ما نكون لتطبيق هذا المثل على أنفسنا، فهو مثل يدعو إلى الخير، ويحثنا على الوفاق والاتفاق وعدم الشقاق، والتعاون والتعاضد ونبذ الفرقة والخلاف، وقد نبهنا الله تعالى إلى أهمية التعاون بيننا ودعانا إلى ذلك، فقال عز من قائل: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان (المائدة) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم على السياق نفسه: «يد الله مع الجماعة» رواه الترمذي.
فليعن بعضنا بعضا على الخير والمحبة ولكل ما فيه مصلحة بلادنا، كي نحقق أهدافنا وننهض بوطننا، وقد أحسن الشاعر حيث يقول:
تأبى الرماح إذا اجتمعن تفرقا
وإذا افترقن تكسرت آحادا
إن اختلاف الكلمة وكثرة اللغط والتفرق والتشرذم والشتات لايأتي بالخير، وإنما هو مفتاح للشر المستطير، وإن التآلف والتكاتف والتشاور كله خير ومنفعة للبلاد والعباد، والحقيقة أننا نعاني من النسيان، فقد مرت بنا محن كثيرة يفترض أن نكون تعلمنا منها، إلا أننا لم نستفد من هذه التجارب مثل الغزو الذي جثم على صدورنا لفترة غير قصيرة، وعانينا منه الكثير، ولم نستفد أيضا من جائحة كورونا، ودب بيننا التحزب والفرقة والشحناء والتعنصر وكأننا لسنا بأبناء وطن واحد، فإلى متى ونحن على هذه الحالة؟!
لا نريد أن يصل بنا الحال إلى شتات الأمر وتفرق الكلمة والخلاف والتقاطع والتدابر والمنازعات، ولا نريد لهذه الأدواء أن تتفشى بيننا، إن وحدة الصف خلف ولاة الأمر هي طريق النجاة من كل هذه الآفات، فالطاعة ولزوم الجماعة قوة وعزة ومنعة لنا، ولنقطع الطريق على من يكيد الشر لهذا الوطن العزيز، ولنحارب كل فكر هدام وآراء شاذة وسلوك منحرف، ونسعى جادين لإصلاح ذات بيننا، وفي ذلك يقول قيس بن عاصم المنقري:
بصلاح ذات البين طول بقائكم
إن مد في عمري وإن لم يمدد
ودمتم سالمين.