عكست تغطية الاعلام الأميركي لأحدث فصول دراما الرئيس السابق دونالد ترامب، مدى الاستقطاب السياسي الحاد في الولايات المتحدة، وهي ظاهرة كرست في محاكمة الرئيس السابق في قضية الاحتفاظ بوثائق البيت الابيض السرية والتي تشكل تهديدا للأمن القومي.
وتابع الأميركيون بفضول واقعين تلفزيونيين متناقضين أحدهما يصفه الملياردير الجمهوري بأنه مرشح رئاسي يتعرض للاضطهاد من قبل «ديكتاتور ناشئ» تتصدره فوكس نيوز، والثاني بأنه رجل «خطر جدا» مما دفع شبكة «سي ان ان» إلى عدم منحه وقتا للبث.
من منظور وسائل الاعلام اليمينية المحافظة وكذلك غالبية أعضاء الحزب الجمهوري، فإن الرئيس جو بايدن هو من يجب أن يخضع للمحاكمة، وليس ترامب.
وبالإضافة إلى قيام الجمهوريين ووسائل الاعلام الداعمة لهم - مثل «فوكس نيوز» - بتقليل أهمية الادعاءات بأن ترامب خالف العديد من القوانين عبر الاحتفاظ بالوثائق السرية في منزله بفلوريدا لدى انتهاء ولايته في 2021 ورفض إعادتها حين طلب منه رسميا ذلك وتآمر لعرقلة عمل المحققين الذين كانوا يسعون لاستعادتها، فإنهم يصورون القضية بأكملها على أنها ملفقة لمنع ترامب من التنافس ضد بايدن في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وكتبت «فوكس نيوز» في شريط الأخبار «ديكتاتور ناشئ يتحدث في البيت الأبيض بعد أن أوقف منافسه السياسي» اشارة الى الرئيس ترامب، فيما كانت الشاشة منقسمة إلى شطرين يظهر أحدهما جو بايدن يتحدث من مقر الرئاسة والآخر دونالد ترامب أمام أنصاره في أحد ملاعب الغولف التي يملكها في نيوجيرسي.
من جانبهما، قررت قناتا «سي إن إن» و«إم إس إن بي سي» الإخباريتان عدم بث خطاب ترامب الذي القاه عقب مغادرته المحكمة الثلاثاء الماضي اثر استماعه الى لائحة مكونة من 37 اتهاما نفاها جميعا، بعد تغطية مكثفة لوقائع المحكمة وصدور لائحة الاتهام.
وبرر الصحافي جايك تابر القرار بأن ترامب «يقول الكثير من الأمور غير الصحيحة والتي قد تكون خطيرة أحيانا».
لكن تغطية ترامب الإعلامية قد تكون سيفا ذا حدين - فهي عادة تعزز عدد المشاهدين بشكل كبير ولكنها مليئة بالتحديات الأخلاقية. وأمس اعترفت «فوكس نيوز» بأنها ارتكبت زلة.
وقالت الشبكة في بيان لوسائل إعلام اميركية «تمت إزالة شريط الأخبار على الفور».
ولكنها تعرضت لوابل من الانتقادات، حتى من المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار.
وقالت جان بيار في إحاطتها الاعلامية اليومية «هناك نحو 787 مليون أمر استطيع قوله عن ذلك» في إشارة إلى تسوية «فوكس نيوز» المالية الضخمة مؤخرا عبر دفع مبلغ 787 مليون دولار لشركة «دومينيون» الأميركية المصنعة لآلات التصويت التي اتهمتها بالتشهير، بسبب بثها نظريات مؤامرة متعلقة بانتخابات 2020.
وقامت «فوكس نيوز» التي كانت تبث مؤتمر جان-بيار بشكل مباشر بقطع البث بعد لحظات من بدئها التطرق إلى مسألة الشريط الإخباري.
وتعرضت «سي إن إن» أيضا لانتقادات بسبب بثها برنامجا مباشرا مع دونالد ترامب في 10 مايو، وهو جلسة أسئلة وأجوبة أمام أنصار جمهوريين ردد خلالها الرئيس السابق معلومات غير مسندة بشأن تزوير الانتخابات الرئاسية للعام 2020.
وقد أدى ذلك إلى تسريع استقالة الرئيس التنفيذي للشبكة كريس ليخت في 7 يونيو.
في هذه الأثناء، قدم رئيس بلدية ميامي فرانسيس سواريز ترشحه للانتخابات الرئاسية الأميركية لينضم بذلك إلى حوالى عشرة مرشحين، يتقدمهم ترامب بفارق كبير، يتنافسون على نيل بطاقة ترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة المقررة في نهاية العام المقبل.
وأظهرت وثائق نشرتها لجنة الانتخابات الفيدرالية أن سواريز (46 عاما) قدم أوراق ترشحه أمس الأول، قبل ان يعلن ترشحه رسميا بـ «خطاب كبير» أمس.
وسواريز هو ثالث مرشح من ولاية فلوريدا، بعد حاكم الولاية رون ديسانتيس والرئيس السابق دونالد ترامب الذي يقيم في منتجع «مارالاغو» الفخم منذ مغادرته البيت الأبيض.
وسيتواجه غالبية هؤلاء المرشحين في مناظرة أولى مقررة في 23 أغسطس.