السياسة عالم رحب يتسع لجميع المتناقضات، وبحر عميق متلاطم الأمواج لا يستقر دوما على حال، ولا يعرف ما تحت سطحه الأزرق الجميل إلا قلة ممن عركتهم الأيام والتجارب، وتختلف مدخلات السياسة وأساليبها، باختلاف ممارسيها، وثقافتهم، والبيئة المحيطة بهم.
للكويت خصوصية سياسية استثنائية في المنطقة، هناك برلمان، وحكومة يشترط لقيامها «محلل» برلماني، حتى تدخل «قبة عبدالله السالم»، وما إن دخلت وأقسمت، حتى تبدأ حياة سياسية نشطة من الفريقين، متفاعلة مع المتغيرات، تراعي المتطلبات، وتحاكي الآمال المستقبلية، الأسئلة البرلمانية تطرح بشكل شبه يومي، وأخرى «مغلظة» للوزراء إذا وصل الأمر إلى مفترق طرق.
اليوم نعيش مشهدا سياسيا جديدا، حكومة برئاسة سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، تقترب من الإعلان عن تشكيلها، ونسأل المولى عز وجل لأعضائها السداد والتوفيق، وبرلمان «متجدد قليلا» يكاد يكون ذا صبغة سياسية واحدة، فبعد اجتماع 47 نائبا في ديوان النائب محمد هايف المطيري، والذي انبثق عنه تشكيل لجنة «سباعية» للتنسيق بشأن الأولويات التشريعية، وتبعه بيان لـ14 نائبا يكشفون معه عن أولوياتهم السياسية، والتي أقرب ما تكون إلى خارطة طريق تشريعية للمرحلة المقبلة، بحسب رؤيتهم، وقواعدهم الشعبية، وهي متسقة نهجا مع «الأولويات» السابقة، وتكاد تكون مطلب جميع النواب، مع اختلافات بسيطة هنا، وإضافات «جزئية» هناك.
ومما سبق، نجد أنفسنا أمام سلطة تشريعية ذات اتجاه واحد، وهذا من شأنه أن يسهل مهمة السلطة التنفيذية، فعندما تعرف جيدا توجه وميول وخطة الطرف الآخر يسهل معه التنبؤ بـ«تحركاته»، والتعاون معه تاليا وفق القاعدة السياسية العريضة «فن الممكن».
الأمل كبير بدورة تشريعية «كاملة الدسم»، يسودها التعاون البنّاء، وهدفها الغزارة في الإنجاز التشريعي، للدفع قدما بكثير من المشاريع المهمة، والاستراتيجيات المستدامة التي تضمن معها تقدما للوطن، وحياة أفضل للمواطن.. لنمضي بلا عثرات «بيروقراطية»، أو «حفر» سياسية مصطنعة.. وليصل الأمل إلى أقصى مدى.
[email protected]