- الشطي: يوم تكرّم الله فيه بإكمال الدين وإتمام النعمة وفيه يتضاعف الأجر
- الملا: يوم أقسم الله به والعظيم لا يقسم إلا بعظيم فهو اليوم المشهود
- السويلم: يسنّ التكبير عقب الصلوات من بعد فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق
يستعد الحجاج بعد أيام قليلة لأداء الركن الأعظم لفريضة الحج المقدسة وهو الوقوف بعرفة، هذا اليوم الذي كرمه الله سبحانه وتعالى وفضله على كثير من أيامه وهو يوم الحج الأعظم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الحج عرفة» فماذا يقول علماء الشرع عن يوم عرفة للحاج وغير الحاج؟
يقول د. بسام الشطي موضحا أهمية وعظمة يوم عرفة: يوم عرفة هو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، وسمي بذلك لتعارف الناس فيه بالوقوف بجبل عرفة لأداء فريضة الحج، وهو من الأيام المباركة التي فضلها الله تعالى، حيث يكون من الوقوف للحجاج وتعرضهم لنفحات الله، وهو يباهي بهم ملائكته، ويندحر الشيطان لكثرة ما يغفر الله لعباده في هذا اليوم، كما جاءت بذلك الأحاديث الكثيرة، ويكفي انه ضمن الأيام العشرة من أول شهر ذي الحجة، لافتا إلى ان صيام يوم عرفة سنّة وقد جاء في حديث رواه مسلم أنه يكفر ذنوب سنتين، وهذا الصيام لغير الحجاج الواقفين بعرفة، أما هم فلا يستحب لهم الصوم لكن لو صاموه لا حرج في ذلك بكراهة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أفطر بعرفة، واستطرد قائلا: وفي هذا اليوم تكرم الله على هذه الأمة بإكمال الدين واتمام النعمة، وهذا ينبهنا لواجبنا الذي يقتضي العمل الدائم والسعي الحثيث على التكافل والتضامن والتعاون بين أبناء هذه الأمة والعمل على ازدهارها وتقدمها ويحقق عزتها حتى تكون بحق أمة يباهى بها فهي خير أمة أخرجت للناس. ونبه د. الشطي إلى فضل الدعاء مع رجاء الإجابة، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير».
يوم مشهود
من جانبه، يقول د. أحمد الملا عن فضائل يوم عرفة: إنه يوم عيد لأهل الموقف:
قال صلى الله عليه وسلم: «يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب» رواه أهل السنن. وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال: «نزلت ـ أي آية (اليوم أكملت) ـ في يوم الجمعة ويوم عرفة، وكلاهما بحمد الله لنا عيد».
كما أنه يوم أقسم الله به: والعظيم لا يقسم إلا بعظيم، فهو اليوم المشهود في قوله تعالى: «وشاهد ومشهود» البروج: 3، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اليوم الموعود يوم القيامة، واليوم المشهود يوم عرفة، والشاهد يوم الجمعة..» رواه الترمذي وحسنه الألباني.
وهو الوتر الذي أقسم الله به في قوله: «والشفع والوتر» الفجر: 3، قال ابن عباس: الشفع يوم الأضحى، والوتر يوم عرفة. وهو قول عكرمة والضحاك.
كما أن صيامه يكفر سنتين: فقد ورد عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: «يكفر السنة الماضية والسنة القابلة» رواه مسلم.
وهذا إنما يستحب لغير الحاج، أما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك صومه، وروي عنه أنه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة.
وأكد د. الملا أن يوم عرفة هو اليوم الذي أخذ الله فيه الميثاق على ذرية آدم:
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان ـ يعني عرفة ـ وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذر، ثم كلمهم قبلا، قال: (ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين (172) أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون (173))الأعراف: 172-173، رواه أحمد وصححه الألباني، فما أعظمه من يوم وما أعظمه من ميثاق.
بالإضافة إلى أنه يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار والمباهاة بأهل الموقف: ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟».
وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تعالى يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة، فيقول: انظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبرا» رواه أحمد وصححه الألباني.
والله تعالى أعلم.
عيد أهل الموقف
من جهته، يقول الشيخ يوسف السويلم: قال الله تعالى (والفجر وليال عشر) يوم عظيم أقسم به الله عز وجل هو يوم المغفرة، والجائزة الكبرى، وفضل هذا اليوم العظيم يشمل الأمة كلها من حج ومن لم يحج، فإذا كان صيام يوم عرفة لغير الحجاج يكفر السنة الماضية والسنة المقبلة، فإن وقوف الحجاج بعرفة يعني شهادة ميلاد جديدة وصفحة بيضاء خالية من الذنوب. وأوضح السويلم ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم «ألا إن لربكم في أيام دهركم لنفحات ألا فتعرضوا لها» وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: خير يوم طلعت عليه الشمس يوم عرفة يهبط الله تعالى إلى السماء الدنيا فيباهي بالحجيج ملائكته ويتفضل عليهم بالمغفرة، التي جاء في تفسيرها في قول النبي صلى الله عليه وسلم «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه».
وأضاف: ويسن إحياء ليلة عرفة بالإكثار من الدعاء، فقال صلى الله عليه وسلم «خير الدعاء هو يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير». كما يسن التكبير عقب الصلوات من بعد فجر يوم عرفة إلى آخر ايام التشريق، هذا بالاضافة إلى التكبير بشكل عام من أول ذي الحجة حيث كان ابن عمر وأبوهريرة رضي الله عنهما يخرجان الى السوق يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما.
وعن حكمة صيام يوم عرفة لغير الحجاج قال السويلم: إنه يستشعر غير الحاج الروحانية في هذا اليوم ويشارك الحجاج الشعور بالقرب من الله، أما الحاج فعدم صيامه أولى، كي يتقوى على أداء المناسك وكي لا تجتمع عليه المشقة المضاعفة مشقة الصيام ومشقة اداء النسك فلو صام الحاج لشقت عليه المناسك.