يؤدي أكثر من مليونين من ضيوف الرحمن اليوم ركن الحج الأعظم بالوقوف على صعيد عرفات الطاهر بعد أن اكتمل تصعيدهم من مشعر منى، حيث قضوا يوم التروية الموافق للثامن من ذي الحجة، فيما تم تصعيد الآلاف مباشرة من مكة، وسط استعدادات خدمية واسعة ومتطورة، لتوفير سبل الراحة والطمأنينة لحجاج بيت الله الحرام، حتى يتمكنوا من أداء نسكهم بكل يسر وخشوع.
وفي المؤتمر الصحافي اليومي المشترك للوزارات المعنية بتنظيم الحدث الإيماني الكبير، أعلن المتحدث الأمني لوزارة الداخلية السعودية «فرض طوق أمني محكم حول المشاعر المقدسة حتى نهاية موسم الحج».
وأعلن المتحدث أنه «تم تنفيذ المرحلة الأولى من خطة نقل الحجاج إلى المشاعر بنجاح».
وتوعد بمعاقبة كل من حاولوا إدخال أفراد إلى الحج دون تصاريح، مؤكدا أن نجاح الخطط يتطلب مشاركة الجميع في الالتزام بالتعليمات المنظمة لأداء الحج.
من جهته، أعلن المتحدث باسم وزارة الصحة، أنه لم تسجل أي أمراض وبائية بين الحجاج، وكشف انه تم إجراء 23 عملية قلب مفتوح و168 قسطرة قلبية للحجاج حتى أمس.
وقد كشف رئيس وحدة التفويج في وزارة الحج والعمرة د.محمد القرني لـ«العربية»، عن أن هناك مليونا و50 ألف حاج تم نقلهم منذ مساء الأحد وعلى مدار 14 ساعة حتى العاشرة من صباح أمس للدخول إلى مشعر منى، خلال توقيت معين وتحديد الطرق لكل حافلة، حتى نضمن انسياب الحركة المرورية دون تأخير، حيث تمثل هذه المجوعة 60% من حجاج الخارج.
وأوضح القرني أن عملية التفويج استمرت حتى ظهر أمس، في الوقت الذي استكملت فيه وفود حجاج الداخل والبالغ عددهم 180 ألف حاج القدوم إلى مقرات سكنهم في مشعر منى بعد الانتهاء من طواف القدوم، في حين أن المتبقي من الحجاج ويمثلون 40%، بدأت عمليات تصعيدهم إلى مشعر عرفات مباشرة، ويمثلون 180 ألف حاج إندونيسي، إضافة إلى 700 ألف حاج يتم تصعيدهم أيضا من مكة إلى مشعر عرفات مباشرة، استعدادا لركن الحج الأكبر وهو الوقوف بعرفة.
وأضاف أن المتواجدين في منى تم تصعيدهم الى عرفات اعتبارا من مساء امس عبر ثلاثة مسارات للنقل الترددي الذي نقل 750 ألف حاج، وهناك النقل التقليدي، وأيضا القطار الذي نقل 325 ألف حاج، كما أن عمليات النقل سارت وفق ما خطط لها تنفيذيا وخدميا وتنظيميا.
وبحلول ظهيرة أمس كانت المخيمات في منى مكتملة العدد، فيما كانت تكبيرات الحج تصدح في المكان. وفاضت شوارع منى التي استحالت أكبر مدينة خيام في العالم بآلاف الحجاج من الجنسيات كافة، بعدما سمحت السعودية للمسلمين بأداء الفريضة هذا العام من دون أي قيود على عدد أعمار الحجاج.
وكان حجاج بيت الله الحرام غادروا المسجد الحرام بعد أداء طواف القدوم بكل انسيابية إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية اقتداء بهدي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
ورافق توافد ضيوف الرحمن إلى مشعر منى تحفهم العناية الإلهية الآلاف من رجال الأمن بمختلف قطاعاته لمتابعة تحركهم إلى المشعر، وسط تكامل منظومة عمل مختلف الجهات المعنية بخدمة الحجاج.
وتميزت حركة تصعيد جموع الحجيج لمشعر منى بالانسيابية وفق خطة مرورية شملت المحاور الرئيسية لشبكة الطرق، وبمتابعة أمنية من سماء المشعر عبر طيران الأمن، لضمان انتظام مرحلة التصعيد، في حين سخرت مختلف الجهات الخدمية قدراتها وطاقاتها لخدمة ضيوف الرحمن.
ويستحب للحاج الإكثار من الدعاء والتلبية أثناء فترة إقامة الحاج في منى، وقد أدى الحجاج صلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصرا دون جمع، وباتوا ليلتهم فيها ثم صلوا الفجر وجرى تصعيدهم الى جبل عرفات لقضاء يوم الحج الأكبر، حيث يمضون النهار في الصلاة والدعاء، قبل أن ينفروا إلى مزدلفة للمبيت فيها وجمع الجمرات استعدادا للعودة الى منى لرمي الجمرات، ثم يتجهوا الى المسجد الحرام لأداء طواف الإفاضة والتحلل وذبح الهدي قبل ان يعودوا الى منى لقضاء أيام التشريق ورمي الجمرات.
وقال التاجر السوري محمد حجوج (59 عاما) لوكالة فرانس برس وهو يغالب دموعه «أنا أؤدي فريضة الحج. ما زلت غير مصدق».
وأكد الموظف النيجيري سليم ابراهيم (39 عاما) «حتى لو كانت الحرارة أقوى سأؤدي الحج مجددا. انها تجربة تستحق العناء»، مشيرا إلى أنه يواجه الحرارة بشرب كميات كبيرة من المياه. وقالت المعلمة المغربية جميلة حمودي (62 عاما) التي اعتمرت قبعة حمراء عليها علم بلادها بفرحة غامرة «حلمي تحقق». وتابعت «سأدعو بالخير لجميع الناس».