لن يفر الإنسان من ألم في هذه الحياة، فالطمأنينة يتبعها خوف، ورهبة تليها سكينة، فقد يتبعه عوض، وخذلان يتبعه رضا، الراحة يتبعها تعب.
فلابد للإنسان أن يصيبه من الشقاء بدرجة ما ويتحمل في سبيل رضا الله أفضل من أن يتحمل في غير ذلك، وهو معصية الله.
فحـــياتنا رحــلة صعود وهبوط وبين شدة ورخاء، وبين عسر ويسر، وهكذا تتقلب بنا الحياة، والله عز وجل هو الذي يقلبها فقد قال تعالى: (إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس)، سورة آل عمران (140).
فالله هو الذي يداول الأيام بين الناس وليس الناس هم الذين يصنعون عسرهم ويسرهم، وليس الناس هم الذين يصنعون سعادتهم وشقاءهم.
فقد كتب على ابن آدم قبل أن يولد أشقي هو أم سعيد، وذلك يشمل كل لحظات السعادة واللذات التي وجدها، وكل لحظات السعادة والشقاء التي وجدها طول حياته فضلا عن نهاية المطاف يوم القيامة، شقي هو في النار أم سعيد في الجنة.
لابد أن تستحضر هذه الآية، فما يمر به الإنسان ليس من صنعه، ولا من صنع أعدائه وهم لا يملكون الضر أو النفع، فهم لا يملكون ذلك لأنفسهم، فكيف يملكونه للغير.
أيقنت بهذه الكلمات وأصبحت راسخة في ذهني، تتبادر إلي كلما اشتدت الظروف وتعثرت قدماي، فكنت أذكر نفسي بأن ذلك سيمر ويبدلني الله تعالى بشيء أجمل.
وفعلا كانت الحياة تكافئني دوما على لحظات صبري وتعوضني عن كل الليالي التي أمضيتها، وأنا أتمنى من الله ألا يطول الأمر.
فقد كنت أتحمل وازداد قوة من بعد ضعف، وأدركت مع الأيام أن المحن لن تمر فحسب، بل عوضني ربي بمستقبل أجمل.
فعلينا جميعا أن نستحضر دائما أن الله عز وجل يداول بين الناس، وأن الدنيا ستنتهي بألمها ولذتها، بنعيمها وشقائها، بحزنها وفرحها، وأن ما يبقى بعد ذلك هو ما أعده الله عز وجل لأهل الإيمان والتقوى.
جعلنا وإياكم من أهل الإيمان والتقوى.