أصبحنا قبل أيام على تصريح للأخ المدير المعين لاتحاد الجمعيات التعاونية، بأن ما يعاينه المواطنون والمقيمون من رفع أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية غير صحيح، وكأنه يقول إننا، نحن جماهير المستهلكين، من مواطنين ومقيمين وزائرين، نعيش في أوهام وأضغاث أحلام، بل ونحن عن الواقع السوقي والسعري المستعر في فصام تام.
التصريح الناري للاتحاد قبل أيام ليس الأول من نوعه، فقد سبقه مديرون ورؤساء منتخبون، صرحوا بأنه لا زيادة، وصدحوا بأنه لن نسمح بها، وبأن الأمور بخير، وبأن «الخانة المخصصة لطلب رفع سعر السلعة» مقفلة في وجه أي شركة أو تاجر يتأبط شرا للمستهلكين.
وحتى نحسن الظن بأخينا المدير المعين، فإن المفترض وضع احتمال واقعي، وهو إما أننا نعيش هواجس ومتلازمات نفسية حيال الأسعار، أو أن الاتحاد نفسه مغيب عن الأسواق التعاونية وما يحدث فيها، وإلا، فإننا نحتاج إلى تفسير أكثر منطقية عن شكاوى الشعب الكويتي والمقيمين من أن الأسعار ارتفعت بشكل جنوني وأنه لم يعد ثمة ما يضبطها أو يضبط مورديها.
الجميع لا يعلم ما يجري أخي مدير الاتحاد؟! ولا علم لنا بفك رموز هذه الشيفرة المعقدة، ولا بحل ألغازها، ولكن دعني أحدثك عن مشاهدات فعلية وعن جيوب منكوبة وارتفاعات غير منطقية وعن عربة تسوق كانت تملؤها صنوف الخضار والفاكهة والمعلبات والمنتجات بـ40 دينارا قبل سنتين، وصار الآن لا يكفيها 100 دينار، وكيف يمكن تبرير زيادة المصروفات اليومية من مشتريات الجمعيات التعاونية، وعدم كفاية الرواتب حتى منتصف الشهر؟!.
إن مقارنة بسيطة بين فاتورة صرفت عام 2021 و2022 وأخرى في 2023 كفيلة بمعرفة الفارق السعري المتسلل إلى جيوبنا.
ما لا يمكن تفسيره أبدا، هو وعود من مسؤولين سابقين في اتحاد الجمعيات بأننا سنتيح أسعار كل السلع أمام المستهلك عبر البوابة الإلكترونية، وبأن هناك تطبيقا ذكيا يمكن من خلاله تصوير «الباركود» لكي يعلم السعر الفعلي للسلعة منذ سنوات، لكن ما حدث ويحدث هو أن التصريحات تذهب أدراج الزمن لتبقى الحقيقة الثابتة وهي أن المستهلك هو الضحية أولا وأخيرا، وهو المغيب عن كل ما يجري، ولا يعلم إن كان سعر هذه السلعة موافقا لتعاميم الاتحاد أو ضاربا بها عرض الحائط.
أنتم تقولون إن هناك سلعا تمت زيادة أسعارها إما بسبب زيادة الكمية والوزن أو بسبب تغيير في المكونات، وأنا أقول: ما أسهل هذا التبرير، فبإمكان جميع الشركات فعل ذلك، ووضع 0.1 غرام من أي شيء في المنتج كي تصدق الشركة في تغيير مكوناته وزيادة سعره وهذا يعني أن 90% من الأصناف تمت زيادة أسعارها من خلال هذه الآلية الجديدة.
لا نريد تصريحات نارية تحرقنا بلهيبها، نريد واقعا حقيقيا، قدموا لنا مقارنة علنية عن الأسعار بين الأعوام 2020 و2021 و2022 و2023 لنقتنع أنه لا زيادة في الأسعار، ونكذب جيوبنا ومحافظنا الفارغة.
قدموا لنا برنامجا إلكترونيا للتحقق من السعر ولتعريف المستهلك بتاريخ السلعة، وما طرأ عليها من تعديلات وتغييرات سواء في الحجم أو المكونات لنصدق أن المنتج لايزال ثابت السعر.
كلمة أخيرة: لست هنا للنيل من شخص الأخ المدير المعين للاتحاد، ولكن الصدمة كبيرة، وهذا النداء الصارخ بحاجة إلى تحرك ونهوض من السبات فنحن في عام 2023 ولسنا في 2019، وكأن الكرة الأرضية كلها لم يمر بها وباء «كورونا» ولم تهتز العروش الاقتصادية بالحروب الدائرة؟.
الأمور لن تنضبط بتصريح ناري أو مخدر لما يعانيه البشر في الكويت من غلاء، بل سنرفع لك القبعة ونضرب بك المثل إذا وضعت يدك على الجرح وأعلنت ما طلبناه من أسعار ومقارنات علنية لكل سلعة وما طرأ عليها من تغييرات.
[email protected]