اكتسبت دولة تشيلي أهميتها الاقتصادية عبر التاريخ نظير حجم ما تملكه من الثروات المعدنية المهمة والنادرة بسبب موقعها الجغرافي في أميركا الجنوبية، وتنوعها المناخي بين الصحراوي والمداري إلى المناخ الجليدي.
لذا نجد أنها لعبت دورا حيويا واستراتيجيا في الحروب العالمية لقدرتها على توفير الإمدادات الغذائية والعسكرية كونها موطن العديد من مناجم النترات المستخدمة كأسمدة طبيعية ومواد أولية للمتفجرات والأسلحة العسكرية، إلى أن تلاشت أهميتها تلك في سلاسل التوريد العالمية تدريجيا بعد اكتشاف النترات المصنعة، ليعيد عنصر «الليثيوم» اليوم رونقها من جديد بإضفاء أهميتها الاقتصادية، وفقا لما تملكه من مخزون احتياطي كبير من هذا العنصر الشحيح والمتميز بكفاءته العالية في استخدامات الطاقة البديلة، والذي يعتبر ضمن الدعائم الرئيسية للتحول العالمي للطاقة المستدامة، فبطاريات الليثيوم تشكل مستقبل صناعة السيارات الكهربائية صديقة البيئة والذي يزداد معدلات الطلب عليها بأرقام كبيرة سنويا لتحل محل سيارات الوقود داخلي الاحتراق، لدعم السياسات الدولية للحياد الكربوني، والتي تتطلب الاعتماد على التكنولوجيا الخضراء وتطوير قطاعات بحوثها واستثمارها.
وهذا ما أوقد شرارة المنافسة التجارية المحتدمة بين كبريات الاقتصادات العالمية من الولايات المتحدة الأميركية والصين ودول أوروبا، وأرغبها بالتوجه للاستثمار في قطاع تعدين «الليثيوم» في تشيلي على اعتبار أنها أغنى دول أميركا اللاتينية بالثروات الطبيعة للاستحواذ على ما تحتويه من المعادن الأساسية اللازمة في تصنيع أشباه المواصلات والبطاريات والرقائق الإلكترونية والخلايا الشمسية والطاقة لإحداث الثورة التكنولوجية والرقمية النظيفة، وللهيمنة على الاقتصاد الدولي الذي أصبح يقاس بمدى الامتلاك المعرفي والقدرة على التصنيع والقياس التطبيقي.
[email protected]