قدمت الحكومة مجتهدة برنامجها لمجلس الأمة، وبدورهم الرقابي تناول ممثلو الأمة المشروع الكبير «تعديل المسار»، كل وفق قناعته، ورؤيته، وأولوياته، صوت يصدح هنا مطالبا بأن «يكون تعديل المسار فعلا وليس شعارا»، وآخر يجهر منتقدا انه «مشروع تأزيم»، وبرلماني ثالث «لا يرقى للطموح»، ورابع يشيد «جيد وشامل، والحكومة التزمت بالدستور»، ومن غير المستغرب ألا يحظى البرنامج الحكومي بإجماع نيابي، بل إن من محاسن العمل البرلماني، اختلاف الرأي والرؤى، وتقديم أولوية على أخرى، والأمر ليس برمته اختلافا، فهناك تلاق تفرضه المصلحة العليا للوطن، والمطالب الملحة للمواطن، والمسؤولية مشتركة، والآمال كبيرة على السلطتين التشريعية والتنفيذية، والتوافق مطلوب لكي تأخذ القوانين مسارها الطبيعي تشريعا وتنفيذا، ومن لم يشمله البرنامج الحكومي من مشاريع بقوانين، فليبادر ممثلو الأمة بتقديمه وفق الآليات الدستورية المعتمدة.
هناك رأي قائل «لا تشيد بمن يجد في عمله، ولا تحبطه، فقط أرشده إلى ثغرات غفلها أو تجاهلها، وليستمر المسير»، والعمل السياسي اجتهادي تكاملي بطبيعته، ونجاحه ليس مقرونا بحكومة متجانسة، أو برلمان ينشد كل الإصلاح الذي يراه دفعة واحدة، وإنما الأناة والحلم في التعامل، وتقديم التعاون على ما سواه، والسعي نحو التكامل بالإرشاد، والنصح، والتوجيه، وبمشاريع قوانين خلاقة، كل ذلك من شأنه أن يأخذ الجميع إلى الطريق الذي يرتضيه.. وكل يسعد بما أنجز.
تعد رؤية «تنويع مصادر الدخل» هي جوهر البرنامج الحكومي الذي حمل عنوان «تعديل المسار.. اقتصاد منتج ورفاه مستدام»، فلا رفاه مستداما مع الاعتماد على مصدر دخل وحيد، وتنويع مصادر الدخل من شأنه أن يخرجنا من بوتقة المصدر الأوحد، وتقلبات أسعاره العالمية، والتجاذبات التي لا تنتهي لأقطاب العالم، والنفط ثروة ناضبة، تستهلكها الأيام والسنون، والإنسان وحده قادر على إيجاد البدائل الاستثمارية التي من شأنها أن تجعل من شعار «رفاه مستدام» حقيقة راسخة، تعززها المشاريع الكبيرة، وتوثقها الأرقام، ولننظر إلى الأمام دوما، ونستشرف المستقبل برؤية ثاقبة طموحة، ولنحذر.. فمن أمعن النظر تحت قدميه تعثر وسقط.
[email protected]