يقول تعالى: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا).
يقول القرطبي رحمه الله: «إنما كان المال والبنون زينة الحياة الدنيا، لأن في المال جمالا ونفعا، وفي البنين قوة ودفعا، فصارا زينة الحياة الدنيا».
ورد ذكر المال مقرونا بالبنين في أربعة وعشرين موضعا في كتاب الله.. قدم فيها المال على البنين وفي موضعين قدم ذكر الأبناء على المال.
في إحصائية حديثة عملت في عام 2022 وجدوا أن هناك نحو 2668 مليارديرا بالعالم من أصل 8 مليارات نسمة.. بقيمة اجمالية تتجاوز 12.7 تريليون دولار، وأكثر القطاعات التي شهدت نموا وازدهارا هي قطاعات التمويل والاستثمار وقطاع التكنولوجيا.. ومن هؤلاء القلة عدد قليل يسيطر ويفرض شروطه ونفوذه على العالم بما يملك من مال.
فالمال هو تمكين ومكانة.. المال سلطة وتسلط.. المال جمال وتجمل.. بالمال يفعل المستحيل.. بالمال تفرض الهيبة.. بالمال تسيد على بني جنسك.
أنت بالمال تشتري الولاءات.. وبالمال تذلل الصعاب.. وبالمال تنتصر على خصومك.. وبالمال (قد) تفعل المستحيل.
المال يميل بصاحبه إلى حيث يريد، لذلك هو «سلاح ذو حدين» فإذا استخدمته في الخير نجوت.. وإذا أسأت استخدامه هلكت.
المجتمع يعطي لصاحب المال منزلة ومكانة (آنية) لم يكن لينالها لولا المال الذي يملكه.. فتجد الجميع يطلب وده ورضاه.. فطلباته مجابة.. وأوامره مطاعة.. إذا تكلم أنصت له.. وإذا تحدث صفق له.. يستحسن منه القبيح فلا ترى عثراته.. ويغض الطرف عنه فتغفر زلاته.
المال قوة ظاهرية وفي نفس الوقت ضعف خفي.. فالمال حجاب وغطاء يخفي النقائص والعيوب.. فكم من ناقص كمل.. وكم من عيب ستر.. وكم من وضيع رفع وأصبح في مكانة لا يستحقها بسبب ما يملك من رصيد.
بوجود المال لا يراق ماء وجه الرجل.. ولا يضطر فيسأل الناس أعطوه أو منعوه.. فكم من عزيز ذل وكم من قوي ضعف وكم من صاحب رأي مال وكم من قوي استكان.. فالمال مفعوله أقوى من السلاح وتأثيره أشد من السحر.
وأختم ببيتين من الشعر يوضحان كيف أن المال رقم صعب في أي معادلة:
إن الدراهم في المجالس كلها
تكسو الرجال مهابة وجلالا
فهي اللسان لمن أراد فصاحة
وهي السلاح لمن أراد قتالا
[email protected]