بيروت ـ عمر حبنجر
استمر التوتر في مخيم عين الحلوة مع انهيار الهدنة الهشة التي توصل إليها المتقاتلون، حيث تجددت الاشتباكات أمس، وأفيد عن احتراق المزيد من المنازل في حي الطوارئ الذي كان ـ ولايزال ـ محور المواجهات مع حي «البراكسات»، حيث تتمركز التنظيمات المعادية لحركة «فتح» والتي يشار إليها باسم «الناشطين الإسلاميين».
وكانت «فتح» أعلنت الالتزام بوقف إطلاق النار الذي أقر في اجتماع الفصائل الفلسطينية مع فعاليات مدينة صيدا، بمتابعة من النائب أسامة سعد، وكذلك فعل خصومها، لكن «فتح» اشترطت في المقابل تسليم قتلة العميد أبو أشرف الغرموشي إلى السلطات القضائية اللبنانية، وحيال عدم التزام الآخرين بتلبية هذا الشرط، في الموعد الصباحي أمس، تجددت الاشتباكات.
وارتفع عدد الضحايا في يوم المعارك الرابع إلى 11 قتيلا و45 جريحا، وخلفت أضرارا بالمباني طالت بعض أطراف صيدا والجوار، حيث استمر إقفال المؤسسات الرسمية والتربوية والمرافق العامة.
وشيعت «فتح» أمس 3 من عناصرها الذين سقطوا في الكمين الذي استهدف قائد الأمن الغرموشي قبل أيام، حيث جرى دفنهم في مقبرة صيدا الجديدة، في محلة «سيروب» وهم: محمد قاسم وطارق خلف وبلال العبيد.
وشيع أمس عبدالرحمن فرهود الذي أصيب في عملية محاولة اغتيال المسؤول في «عصبة الأنصار» المعروف باسم «أبو قتادة» على يد عنصر من «فتح» يعرف باسم «الصومالي».
في غضون ذلك، نفى مصدر فلسطيني مسؤول ما تم تداوله في بيروت حول زيارة رئيس المخابرات الفلسطينية اللواء ماجد الفرج إلى لبنان، وعلاقة ذلك بما يحصل في عين الحلوة، وقال المصدر إن زيارة أبو الفرج تمت بدعوة رسمية من الجهات الأمنية اللبنانية وفي إطار العلاقات الثنائية.
في هذا الوقت، ذكرت إذاعة «لبنان الحر» ان عناصر من «سرايا المقاومة»، التابعة لحزب الله، تنتشر بشكل كبير في محيط مخيم عين الحلوة بأسلحة فردية.
في الشأن الاقتصادي، تقاطعت معظم الأطراف السياسية على اعتماد الوكيل في مصرف لبنان المركزي، بدلا من الأصيل، لإدارة أزمة مالية عمرها 30 سنة.
وسلمت السلطة اللبنانية صلاحية رأس سلطاتها النقدية إلى نائب حاكم مصرف لبنان وسيم منصوري اعتبارا من امس، بعد انتهاء ولاية الحاكم السابق رياض سلامة.
وفي مؤتمره الصحافي أمس الأول، تجنب الحاكم البديل الأسئلة والأجوبة، واكتفى بطرح خطة عمله المستندة إلى خريطة رسمها سلفه منذ 3 عقود، وجوهرها رفض أي دراسة تبرر المساس بالتوظيفات الإلزامية بالمطلق، وأن الحل الوحيد لوقف اعتماد الدولة على «المركزي» يكون بتحسين المالية العامة، عبر تفعيل الجبايات المعلقة على جدار الفساد السياسي المستشري، ووضع اليد على آلاف التعديات: الأملاك البحرية والنهرية وما عداها من المحميات السياسية.
وما قاله منصوري في مصرف لبنان حمله إلى السراي الحكومي، وانضم إلى جلسة مجلس الوزراء، حيث أعاد تلاوة وصاياه الإصلاحية المفتوحة على نظرية تشريع الضرورة.
وأمس، استأنف مجلس الوزراء مناقشة خطة حاكم «المركزي» بالوكالة في الجلسة المخصصة أصلا لمناقشة مشروع موازنة العام 2023.
ولا شك ان الحكومة ستضطر إلى تلبية شروط نواب الحاكم، تبعا لحاجتها الماسة إلى توفير رواتب موظفي الدولة العاملين أو المتقاعدين، وهنا تتوارد الكثير من الأسئلة الملحة من قبيل: من يحمي ما تبقى من أموال المودعين في المصرف المركزي؟ وكيف يمكن ردها أو سدادها؟ وهل سيكون ذلك عبر تفعيل الجباية؟ وكيف ستفعل الحكومة هذه الجباية لتؤمن السداد المطلوب بعد سنة ونصف السنة؟
واللافــــت ان نائـــب سلامة الأول منصوري تنصل من المسؤولية عن كل المرحلة السابقة كما جعل السياسة المالية شأن الحكومة ومجلس النواب، وليس المجلس المركزي للمصرف، ولكن ما يلفت الانتباه أكثر هو انه لم يكن بين أعضاء المجلس المركزي المؤلف من الحاكم ونوابه الثلاثة والمديرين العامين لوزارتي المال والاقتصاد، ومفوض الحكومة لدى هذا المجلس خبير متخصص في السياسة المالية والمصرفية سوى رياض سلامة، أما الباقون فإن اختصاصهم المهني كانت حدوده التبعية للمجموعة السياسية التي تحاصصتهم بحسب القاعدة الطائفية، فالحاكم الأول محام وأستاذ حقوق، والآخرون أتوا من اختصاصات مهنية مختلفة، حتى إن أحدهم اختصاصه «التدليك»، لكن ولاءه السياسي فتح له الباب ليصبح مديرا عاما وعضوا في المجلس المركزي لمصرف لبنان يتولى دفة الأمور المالية الآن!