الخير فضاؤه واسع، وأجره وثوابه بميزان رب الأرباب لا يعلم أوزانه إلا هو، فرب صدقه بتمرة، أو إزالة حجر عثرة، أو غصن شوك في طريق الناس ثوابه عند الله الجنة، ولا ننسى ذلك الرجل الذي سقى كلبا يلهث من العطش، فشكره الله ورزقه الجنة، إن ميادين الخير واسعة ولا نعلم أيها أنفع لفاعلها، لذلك جُبل مجتمعنا الكويتي على أعمال الخير سواء بما يجود به، أو بما يفعله كإماطة الاذى عن الطريق، وتنظيف وصيانه المساجد وتبخيرها وافطار الصائمين.. إلخ، وتاريخ الكويت شاهد على ذلك، فقد قاموا بعمل اسقف للاسواق، تقى الناس حرارة الشمس والمطر وبعضها موجود حتى الآن، ولا ننسى سبيل «بن دعيج» بالسوق، فقد سقى مئات الآلاف من البشر، نسأل الله أن يأجرهم جميعا، والآن يتسابق الكويتيون بوضع برادات الماء في الشوارع، وأنشئت لذلك مصانع تفننت بأشكال البرادات، وهذا دليل على حب فعل الخير وكثرته، والدليل الآخر كثرة الجمعيات الخيرية التي يفيض خيرها خارج الكويت، دون الالتفات الى سكان الكويت منهم 3.5 ملايين وافد غالبيتهم من العمالة البسيطة.
واليوم كلنا يسمع من الاخبار بأن درجات الحرارة تخطت 51 درجة مئوية بالظل والسبب «التغير المناخي للعالم» ونرى ونسمع ما أصاب العالم من حرائق وفيضانات، وأن العالم مقبل على أشد حرارة وأغزر أمطار، وهذا مؤشر إنذار، نسأل الله العافية. إن ما أدعو له هو فكرة تأسيس جمعية خيرية تصنع الظل للمشاة، ومجال عملها واسع، يبدأ من مواقف السيارات حتى مباني مجمع الوزارات، أو الهيئات والمؤسسات الحكومية، والجمعيات والمولات التجارية، والاسواق التقليدية، حيث نرى اليوم ان المسؤولين يهتمون بمظلات السيارات (الحديد) ويهملون البشر، انظروا الى كل المواقف لن تجدوا ممشى مظللا يحمي الناس من الشمس والمطر مع انه أبسط واقل تكلفة لو كانوا يعلمون.
إن «جمعية الظل الخيرية» ليست كالجمعيات الأخرى، إنها لا تسعى لجمع الاموال، ولكنها كالدال على الخير، تنصح وتذكر أصحاب المولات التجارية بأن البشر أهم من السيارات، وتعرض عليهم مقترحاتها مكتوبة، مع نماذج لشكل المظلات، ومواقعها، كذلك توضح لمجالس ادارات الجمعيات التعاونية أهمية الممشى المظلل للزبون، ولأن موضوع «الظل» لا أبا له ولا ضمن أعمال أي وزارة او مؤسسة، لذا وجود هذه الجمعية هو تبني هذا العمل الخيري ونشر ثقافة «الظل الخيري» وتكون همزة وصل بين قوانين البلدية والمتبرع واصحاب الموقع، سواء حكومة أو أهالي، ولا ننسى أن الظل نعمة وبه أجر وثواب، حيث يقول سبحانه وتعالى: (والله جعل لكم مما خلق ظلالاً وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر)، ففي شمال كندا مناخ شديد البرودة والثلوج، ونتيجة لذلك اتفق أصحاب العقارات أن تكون سراديب عماراتهم متصلة ومفتوحة على بعض، جعلوها أسواقا تسير بها مسافات تحت الارض ربما تصل لمدينة اخرى، هذا ما فكروا به لمقاومة مناخهم الصعب، فلماذا لا تفكر حكومتنا بذلك؟ في الكويت جمعيات خيرية متخصصة كثيرة منها جمعية الطعام (ما يفيض من موائد الحفلات والعزائم)، وجمعية التكافل مع المساجين لفك كربتهم، وهناك شباب متطوعون يُشكرون بقيادة «أبو جراح» وزملائه أخذوا على عاتقهم تنظيف وتجميل وترميم وزراعة الجسور وما حولها بجهودهم الذاتية، فأرجو منهم أن يتبنوا فكرة «جمعية الظل الخيرية»، فزراعة الاشجار التي تصنع الظل للبشر والبهائم والطيور، هي جزء من جهودهم، فما أجمل العمل الذي نرضي به ربنا، ونثبت به وطنيتنا، وننفع به أهلنا وإخواننا.
والله خير شاهد.. وما قوله إلا حق: (وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور).
[email protected]