يعود الثاني من أغسطس يوما عصيبا يمر على ذاكرة الكويتيين كل عام لتتجدد الذكرى الأليمة، ذكرى غزو العراق الغاشم على دولة الكويت عام 1990.
تعود إلينا حقبة ذاك الزمان الذي جعلنا نفقد أعز الأحباب من الأبناء والبنات والأصحاب والأهل والخلان في اختبار الحياة الأصعب، الفقد الذي كان بالتضحية في سبيل الوطن، لذلك ومنذ 1990 عبر الزمن علينا وما عبرناه الى الآن. فالتاريخ يكتب لأجل الخلود والسيرة تبقى موروثة لأجل حفظ أصالة الانتماء إلى الجذور الضاربة في عمق أرض الكويت، الدولة الخليجية صديقة المجتمعات العربية والدولية الكبيرة بمواقفها والصغيرة بمساحتها الجغرافية.
حقيقة، لا نستطيع أن نغير خريطة الجغرافية ولا نرد القضاء فيما كان في الثاني من أغسطس عام 1990، فكانت الفارقة ليست فقط الذكرى الأليمة ولا الدماء النازفة ولا الخراب الذي حل علينا وعلى مؤسسات كويتنا، بل كانت الضربة التي لا تقتل بل تقوي، وفعلا قوينا ككويتيين ولأني مؤمن بأن الشهادة صك الخلود «فأنتم الخالدون يا أبناء الكويت الشهداء».
لقد كانت حرب الخليج الثانية البوصلة التي أنهت حقبة عالمية وبدأت بعدها الفوضى الخلاقة تبعتها ويلات الإرهاب والثورات العربية والشتات، وكأن سهم الغدر الأول قد أصاب خاصرة العرب عند احتلال فلسطين والسهم الثاني جاء عربيا فأصاب خاصرة العرب الثانية الكويت.
وبفضل من الله وعونه ثم بعون الدول الشقيقة والصديقة، وبحكمة أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد وولي عهده الشيخ سعد العبدالله، رحمهما الله، وإصرار المقاومة الكويتية على تحرير الأرض، نهضت الكويت مرة أخرى بعد التحرير بدماء شهدائها وعزيمة أبنائها وحرص حكامها عام 1991.
ولعل تحقيق الاستقرار السياسي من خلال التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وتكاتف الشعب الكويتي وتعاضده في السراء والضراء، وإدارة عجلة التنمية وتحقيق الرخاء والعدالة والمساواة في المجتمع تحصين وحصن للجبهة الداخلية الوطنية والدرع الواقية من أي اختراق لصديق أو عدو.
إن من أهم الدروس والعبر التي علينا أن نستفيد منها مع مرور كل عام على الذكرى الخالدة هي الترحم على شهدائنا، ونقل التاريخ بصدق وأمانة جيلا بعد جيل، فتاريخ الأمم الخالدة يكتب بالدماء لا بقلم المحبرة. ويبقى الثاني من أغسطس شاهدا على العصر.. و«تنذكر وما تنعاد».
[email protected]