بقلم د / أشرف رضا
دكتوراة المناهج وطرق التدريس
هل الأربعون مرحلة فاصلة بين مرحلتين ؟
يقول الله تعالى في سورة الأحقاف (حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)
أعلم أن الأربعين مرحلة عمرية قد قيل عنها كثير من الأقوال وما زال يقال وسيقال بطبيعة الحال، سواء من الناحية الطبية الفسيولوجية ،أو النفسية(السيكولوجية) أو الاجتماعية إشارة إلى أن الإنسان قد غادر مرحلة الفتوة والشباب وما يقترن بها من حيوية وطاقة فائضة، إلى مرحلة صار فيها عرضة للأمراض أكثر مما مضى، وتراجعت مناعته، وفترت نهمته ، وقل شغف الحياة ،؛ فعند بواكير أيام وصولي إلى الأربعين، شعرت بأمور مختلفة وراودتني أسئلة متداخلة وغريبة، وقيل لي وقتها: ستتصالح مع الحياة والواقع ،وستمضي في الدرب ولن تظل مسكونا بهذه الهواجس وستقفز عن الوساوس.. وما قيل في أغلبه صحيح ، وأشعر به حقاً .. فلقد صغرت الدنيا في عيني ولم يعد عندي نهم ولا شغف الحياة وتضاءلت في عيني كل الانجازات والملذات بل وصغرت أمامي الدنيا برمتها واغلقت باب المنافسة وباب التناحر والتكالب واكتفيت بنفسي وأسرتي وقليل من الأصدقاء ممن يسأل عني واسأل عنه !فلقد قل الانبهار بالأشخاص، والاشياء ،أصبحتُ زاهداً في بعض أو كثير مما كنت إليه طامحا أو به طامعا، تحسّ بلا ريب انني لست أنا !! وكأن زهوة الدنيا قد انطفأت مع ثبوط همتي . فقط أصبحت أبحث عن السلام النفسي وابحث عن ابسط الاشياء التي تسعدني كاللقاء بعزيز أو زيارة الحقول ، جلوس وسط كبار سن ، صلاة فجرية وسط أهل المساجد
استماع لبعض حكاوي الماضي ، دعوة من مسن او مسنة ..
طبعا،كل هذا ليس حالة تشاؤمية، وأنما هي خواطر رجل بلغ الأربعين فتأمل قول الله تعالى حتي إذا بلغ أشده وبلغ أربعين عاما . والحمد لله وأسأله الستر فيما بقي من وقت في هذه الدنيا، وأن يهدينا الصراط المستقيم.. لكن هي خواطر تشبه كشف حقائق وتدارس واقع للتصالح أو التعامل الإيجابي معه، فالله تعالى لا يأخذ من المرء شيئا إلا عوضه بشيء يعينه على مواصلة المسير، وكل من يعش سيرى اختلافا كبيرا.. وكل هذا يشير إلى أن هذه المرحلة لها خصوصية وأهمية تؤكد النضج والوعي والاتزان..
لذلك انصح الشباب ما هم دون سن الأربعين أعمل في الدنيا علي أعلي قدر من طاقتك وأجتهد بالحلال …
انتصر على ظروفك ومحيطك
ابحر وسافر مبكرا
دافع عن فكرتك ونفسك
واصل الليل بالنهار
انجز مهامك مبكرا
صل إلي حلمك مبكرا
حاول ف العشرينات و أوائل الثلاثينات أن تنجز وازرع لنفسك الكثير من النجاحات والانتصارات
لكي تنعم بثمارها فيما بعد الأربعين
اما عن أبناء جيلي عايش كثير من الأحداث و تفاعلنا معها أو تأثرنا مباشرة بها، أو كنا نتابعها وقت حدوثها، فقد عاصرنا بيوت الطين وعشنا فيها زمن ،لقد عايشنا الراديو وبداية انتشار التلفاز في قريتي .عايشنا فترات الصحوة والانفتاح عايشنا فترات واحداث كثيرة من حروب وتغير حكام وتوارث غيرهم واحداث التغيير المفاجئ لكثير من البلدان والثورات والفيروسات والامراض والتغير المناخي والانتقال من والي عصر التكنولوجيا لذلك يعيش معظم أبناء جيلي حالة من التناقض النفسي بين ماضي الخير وزمن الطيبين والانغلاق علي كتاب المدرسة والمكتبة الي الانفتاح على عالم التكنولوجيا و المعلومات .
واخيراً
فالحياة الحقيقة تبدأ بعد الأربعين حيث الاستقرار النفسي والاجتماعي فكثير من قصص نجاح شخصيات شهيرة بعد سن الأربعين ويحملون لنا رسائل إيجابية هامة تحث على التفاؤول والكفاح ..فالله ادعوا لي ولكم بطول العمر وحسن العمل وجميل الختام وحسن اللقاء برب الناس أجمعين .