بيروت - عمر حبنجر
مع ضعف دائرة القرار الداخلي اللبناني تتجه الأنظار الى الخارج، هكذا الحال مع الاستحقاق الرئاسي الواقع في أسر الصراع على المنطقة وفي المنطقة.
المستجد على خط الملفات اللبنانية الملحة ثلاث: مأزق التمديد للقوات الدولية في جنوب لبنان «اليونيفيل» الذي يفترض حسمه في مجلس الامن، اليوم او غدا، وسط احتدام الموقف بين لبنان الرسمي الذي يرفض توسعة مهام اليونيفيل وبين غالبية دول مجلس الامن التي تصر على التوسعة، وعلى عدم التنسيق مع الجيش اللبناني. يضاف إلى ذلك، مشكلة الحدود البرية مع إسرائيل والتي استدعت مجيء عراب الترسيم البحري الاميركي آموس هوكشتاين، ثم ملحمة الانتخابات الرئاسية التي تتعهدها فرنسا والتي تلقت بالامس جرعة منشطة من الرئيس ايمانويل ماكرون تمثلت بتسميته ايران، كإحدى الدول الاقليمية المعرقلة للحل في لبنان، وذلك لأول مرة منذ دخول فرنسا على خط الأزمات اللبنانية المتوالدة.
وتلقفت وسائل اعلام المعارضة اللبنانية موقف ماكرون، الذي أعلنه في الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا في العالم، حيث أدان انشطة زعزعة الاستقرار الاقليمي التي قامت بها ايران في السنوات الأخيرة، ووصفت بعض تلك الوسائل صحوة ماكرون بـ «التصحيحية».
ماكرون شكر موفده الى لبنان لودريان على المهمة التي يقوم بها بطلب منه، معتبرا انها من العناصر الاساسية للحل السياسي في لبنان.
هذه الاستدارة الفرنسية يردها المتابعون الى حديث أدلى به وزير الاستخبارات الإيراني إسماعيل خطيب حول مبادلة ايران سجناء اميركيين، بأموالها المجمدة. وأشار خطيب الى وجود جواسيس آخرين من فرنسا والسويد وبريطانيا ودول اخرى، وإن احكاما بالإعدام صدرت بحق هؤلاء ونفذ بعضها. وبمعزل عن خلفية هذه الاستدارة الفرنسية وأثرها على العلاقات بين باريس وطهران، السؤال المطروح في بيروت الآن يتناول المسألة الاكثر استعجالا وملحاحية، بالنسبة للبنان، وهي مسألة التمديد للقوات الدولية في جنوبه، والموقف الفرنسي من «الاشتباك» الحاصل بين الحكومة اللبنانية التي تطالب بالتمديد لهذه القوات دون تعديل في قواعد حركتها، وبين الدول الاعضاء في المجلس التي تدعم مشروع قرار توسعة صلاحيات اليونيفيل، مع التلويح باعتماد البند السابع من الميثاق الأممي الذي يجيز استخدام القوة بدلا من البند السادس المعمول به حاليا، والذي يربط تحركات الدوليين بالتنسيق مع الجيش اللبناني.
ويقال في بيروت ان فرنسا ساهمت الى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا في صياغة القرار الذي تحاول الديبلوماسية اللبنانية التخلص من بعض بنوده، فهل تبقى باريس على دعمها للقرار المطروح، ام تساهم في التخفيف من وطأته على الاستقرار في لبنان؟
«حزب الله» الذي يدعم رفض الحكومة اللبنانية للتعديلات المطروحة على مشروع التمديد باعتبار انه المستهدف الاول منها، استبق حسم مجلس الامن موقفه، بإعلان امينه العام السيد حسن نصر الله عدم السماح لأي قوة بتطبيق اي قرار ترفضه الحكومة اللبنانية، مؤكدا ان قرار اليونيفيل سيبقى حبرا على ورق.
نصر الله تطرق الى الملف الرئاسي، مبديا الاستعداد للحوار حول هذا الملف بعكس بعض الاطراف الاخرى التي ترفض ذلك. وقال «لكن نحن لا نتسول الحوار من احد». وأضاف: الحوار الوحيد المفتوح ويمكن ان يعول عليه هو حوار حزب الله والتيار الوطني الحر، موضحا ان الحوار هو عن حزب الله وليس بالنيابة عن احد من حلفائنا، ويبدو انه يشير، في قوله هذا، الى الرئيس نبيه بري الذي بينه وبين «التيار» ورئيسه جبران باسيل ما صنع الحداد.
وفي هذا السياق، أعلن باسيل في حديث لموقع «المدن» أن الحوار مع الحزب ايجابي ومستمر، خصوصا بالنسبة لطرحه اللامركزية الادارية الموسعة والصندوق الائتماني.
وفي الموضوع الرئاسي، قال انه لا يرى امكانية لانتخاب سليمان فرنجية أو العماد جوزاف عون لرئاسة الجمهورية، داعيا الى الاحتكام الى العقل، نافيا المطالبة بوعده رئاسيا بعد ست سنوات في حال انتخابه فرنجية، ولا بأي ضمانات اخرى لكنه استدرك، وقال: اذهب الى انتخاب فرنجية مقابل ما أراه متفاعلا مع الرؤية الجديدة.
غير أن باسيل لم يطرح البديل لعون وفرنجية، ولا حتى اسم جهاد ازعور الذي تقاطع حوله مع نواب «المعارضة» أو غيره من الأسماء المتداولة رئاسيا، كالوزير السابق زياد بارود والمحامي ناجي البستاني والنائب الياس فريد الخازن (حليف سليمان فرنجية نيابيا) والذي يجري التداول باسمه بديلا لرئيس «المردة» وبترشيح منه، في حال اعتماد التسوية الرئاسية.
بالنسبة للموفد الاميركي آموس هوكشتاين فسيصل الى بيروت، اليوم، في زيارة هدفها العمل على ترسيم الحدود البرية بين لبنان والكيان الإسرائيلي، وتحديدا في مزارع شبعا حيث بؤرة التوتر الحدودي الآن، وسيلتقي هوكشتاين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومه تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وقد يزور الجنوب حيث يتفقد اليونيفيل، ويطلع على عمل منصة الحفر التابعة لشركة «توتال» في البلوك اللبناني رقم 9 حيث يجري التنقيب الآن.