@Lines_Title
إن ظاهرة التنمر ليست ظاهرة حديثة وإنما ظاهرة أزل، وقد ذكر في القرآن أكثر من قصة تحتوي على التنمر السلوكي للبشرية، وإنما الخطر يكمن في توارث الأجيال للسلوكيات والمتغيرات الثقافية التي تلعب دورا كبيرا في شدة انتشار الظاهرة بشكل اجتماعي ونفسي ينتج عنه العنف ومشاكل أخرى منها القتل العمد ـ والإدمان بأشكاله ـ وارتكاب جرائم الاعتداءات والسرقة والتخريب.. إلخ من الأمور التي باتت تسبب قلقا للعامة.
إن الأسرة والمدرسة تعتبران وجهتين متعاونتين لبناء القوام النفسي والاجتماعي للطالب ومكافحة أي ظواهر سلبية ينتج عنها قلق على مستوى المجتمع بأكمله، حيث أظهرت الدراسات اليوم أن ظاهرتي التنمر والعنف في المدارس في ازدياد على مدار السنوات، وذلك على مستوى العالم وليس فقط على مستوى الكويت، وبرأيي الشخصي ككاتبة أن ما زاد ظاهرة التنمر والعنف بين الأبناء هي التكنولوجيا الحديثة (الأجهزة الذكية) وما غرست من مفاهيم جرحت الكثير من القيم الأخلاقية والدين، والأمر من ذلك أنها أصبحت خارج السيطرة والمراقبة الدائمة من أولياء الأمور، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل ساهمت التكنولوجيا بتفشي المادية كسلوك اجتماعي بين البشر، فأصبحت هدفا رئيسيا في جميع العلاقات والمعاملات الاجتماعية قبل القيم وبناء الأسرة والأهداف الأساسية لبناء مجتمع قويم. وعليه؛ يجب تكثيف الجهود لمحاربة تلك الظاهرة لما لها من آثار اجتماعية كبيرة وأهمها فقد الأمن الاجتماعي للمجتمع، حيث أصبحت الشكوك بالسلوكيات أمرا مفروضا لتجنب ما قد ينتج من صدمات في الانحدار الأخلاقي السلوكي.
فمن المتعارف عليه أن التنمر نوعان في المدارس لفظي وغير لفظي، حيث إن اللفظي مثل السب والشتم والاستهزاء والإهانة.. إلخ، أما غير اللفظي فهو بالاعتداءات الجسدية بالضرب وغيره.
وعلى وزارة التربية أن تكثف الجهود اليوم بتغيير آلية التعليم وتكثيف التعليم بالأنشطة، حيث إن الأنشطة سواء كانت رياضية، أو كإعادة تدوير، أو زراعة أو تكنولوجية.. إلخ، تعزز قيما كثيرا بدل التعليم التقليدي الذي يعتمد على العشوائية والحفظ والتفريغ، فالجيل الحالي والمستقبلي بحاجة للمزيد من الأنشطة والدروس التنموية البعيدة عن الحفظ والدراسة، وإنما غرضها رفع القيم الأخلاقية ليس على مستوى الطلاب فحسب، وإنما على مستوى المعلمين والقائمين على الإدارة المدرسية.
فالإنسان قابل للتشكل وقابل للإصلاح لما به من نزعة خيرية تلوثت عند البعض بسبب عوامل كثيرة منها تنمر الأهل والأصدقاء ـ بيئة تفتقر للقيم الإصلاحية والتنموية ـ قلة الوازع الديني ـ الصحبة السيئة ـ الانحدار الثقافي والتعليمي للوالدين ـ التقليد الاجتماعي ـ سطوة المادية ـ عدم استثمار وقت الفراغ ـ عدم المراقبة الأسرية ـ تراجع حزم الآباء في تربية أبنائهم ـ افتقار القدوة الحسنة ـ تراجع التعليم ودور المدرسة.. إلخ، والكثير الكثير من العوامل المتشابكة مع بعضها البعض، يقول الحق تبارك وتعالى (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)، فللآية الكريمة مدلول مباشر أن التذكير يشمل النصيحة والتوعية والرشد، وشرط التطبيق التكرار، وعليه يجب على المدرسة والإعلام كمؤسسة تربوية خطيرة في أثرها أن تكثف التوعية والرشد بطرق وأشكال مختلفة في الإصلاح التربوي السلوكي.