بيروت ـ عمر حبنجر
الازدحام الديبلوماسي في بيروت تبخر مع مغادرة الزوار، كل في طريقه تاركا وراءه وعودا في السياسة والرئاسة والطاقة، ومفسحا المجال للحراك الداخلي العقيم مرة أخرى.
على أرض الملعب اللبناني المفتوح كان الموفد الأميركي عاموس هوكشتاين ووزير خارجية إيران حسين أمير عبداللهيان كل بحسب «أجندته، الأسبوع الماضي، وكان ينقصهما وصول الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، لكن المواعيد الفرنسية ابتعدت، كما يبدو، عن التوقيت الإيراني وربما الأميركي بحيث يخشى ان يغدو مجيء لودريان إلى بيروت المفترض أن يكون في النصف الثاني من سبتمبر الجاري «الذاهب إلى الحج والناس راجعة».
وكان هوكشتاين المتفائل اعتبر ان ما من عقبة تمنع لبنان من بناء اقتصاد جديد، لكن ذلك يتطلب وجود حكومة فاعلة وضوابط إدارية وقدرة على المحاسبة واستئصال الفساد.
وبعد خلوته مع الرئيس نبيه بري، خص هوكشتاين قناة «إن بي إن»، التابعة لـ «حركة أمل»، بمقابلة، حيث أبلغها انه لا يحمل أي طرح حول الحدود البرية، لكنه مستعد لهذه المهمة إذا طلبها لبنان.
لكن تحرك هوكشتاين باتجاه قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي أقام له وللسفيرة دوروثي شيّا مأدبة عشاء في مقر إقامته، وقد ظهر صاحب الدعوة في الصورة التي وزعتها السفارة الأميركية باللباس المدني «حمالة معان» سياسية وحتى رئاسية بالتأكيد.
أما وزير الخارجية الإيرانية عبداللهيان الذي اجتمع مطولا بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وقبله بالفصائل الفلسطينية المدعومة من طهران، بالغ في الحديث عن رفض إيران التدخل في شؤون لبنان الداخلية، واعتباره انتخاب الرئيس شأنا لبنانيا، ثم عاد ليقول بوضوح إن بلاده مستمرة في دعم محور المقاومة من أجل الحفاظ على المصلحة الوطنية العليا.
وتنفي المصادر السياسية المتابعة في بيروت علمها بالأسباب العميقة الكامنة وراء تدهور العلاقات السياسية بين باريس وطهران، بحيث وجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاتهام إلى إيران التي ردت بإقفال «معهد الأبحاث الفرنسي في طهران»، إلا ان هذه المصادر لمحت إلى احتمال ان يكون وراء هذه الأكمة إبعاد إيران عن اللقاء الخماسي العربي ـ الدولي، كما عن الثلاثية الدولية المنقبة عن النفط والغاز في حقول لبنان البحرية بقيادة شركة «توتال» الفرنسية.
من مجمل هذه التطورات، أصبح من الجائز طرح سؤال حول جدوى زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي لودريان، خصوصا بعد دعوة الرئيس نبيه بري إلى حوار السبعة أيام تليها جلسات انتخاب رئاسية متتالية.
أحزاب «المعارضة» وفي طليعتها حزب «القوات اللبنانية» و«الكتائب» ما زالت على موقفها الرافض للحوار والمطالب بانتخاب رئيس الجمهورية أولا، وقبل أي خطوة أخرى، لكن «الحزب التقدمي الاشتراكي» الداعم للحوار المطروح من جانب رئيس المجلس أعطى تفسيرا آخر لموقف بري واصفا، من خلال موقعه الإكتروني الذي يحمل اسم «الأنباء»، طرحه بـ «ضربة معلم»، إذ انه دعا إلى حوار ضمن مهلة محددة يراها كافية لإنجاز تسوية ما قد تساعد على إجراء الاستحقاق الرئاسي، بحسب قاعدة «لا غالب ولا مغلوب»، ما يعني تخلي فريقه عن التمسك بترشيح سليمان فرنجية وهو ما يشكل عنصرا إيجابيا ومهما.
مصادر متابعة رأت ان طرح بري يأتي في سياق جهود الموفد الفرنسي لودريان، ولئن كانت غير منسقة معه، معتبرا ان بري يتحمل مسؤولياته كرئيس لمجلس النواب، ولذلك يطرح الحلول والمبادرات.
أما النائب جبران باسيل المؤيد للحوار الذي ينادي به رئيس المجلس، فيقول عن حواره مع حزب الله كما نقلت عنه جريدة «الأخبار» قوله إن المكسب السياسي الذي يقصده من حواره اهم من رئاسة الجمهورية، وأهم من سليمان فرنجية ومن جوزاف عون معا، هو المكسب الذي تأخر تحقيقه 33 عاما واعتبر ان موافقة الحزب الشفهية على ورقة الأولويات الرئاسية، وعلى اللامركزية الإدارية الموسعة والصندوق الائتماني يسهلان انتخاب الرئيس.
وتطرق باسيل إلى إمكانية الذهاب إلى مرشح رئاسي ثالث، لا جهاد أزعور ولا سليمان فرنجية، بل «ثالث نتفق عليه وليس حتما جوزاف عون ولن يكون!».