إذا اعتمدنا على الأرقام المتطابقة التي ترددها مواقع التواصل الاجتماعي، فإن مصرنا المحروسة تفتح حضنها الدافئ لحوالي 20 مليون مهاجر، وإذا أخذنا بإحصاءات «المنظمة الدولية للهجرة ـ التابعة للأمم المتحدة» نجدها تفيد بوجود 9 ملايين مهاجر يحلون ضيوفا على أهل المحروسة.
أما من تذهب به قدماه إلى أحياء أو مدن مثل «مدينتي» أو «الرحاب» أو «6 أكتوبر» أو «الشيخ زايد» فعليه أن يتلفت حوله جيدا ليتأكد أنه مازال داخل حدود مصر! ولم ينتقل عبر الزمن إلى دمشق أو القدس أو بغداد أو طرابلس الغرب أو عدن أو الخرطوم، فأينما يممت وجهك فسترى وجوه الأشقاء من بلاد الشام والعراق والسودان واليمن وليبيا وغيرهم، وتتشنف أذناك بلهجاتهم العربية المختلفة والمحببة للمصريين الذين اعتادوا أن يسمعوا اللهجات المصرية فقط طوال عقود طويلة، قبل ان تتحمل الشقيقة الكبرى مسؤولياتها باحتواء الأشقاء العرب والأفارقة الذين تمر بلادهم بظروف عصيبة أدت إلى اضطرارهم للهجرة والالتجاء إلى بلد آمن يجدون فيه الأمن والأمان والحماية والاستقرار لهم ولأهليهم، فلم يجدوا أحن عليهم من أهل مصر.. فدخلوها آمنين.
واليوم، وبعد مرور حوالي 12 عاما على هبوب رياح الربيع العربي التي عصفت بعالمنا، ومع انضمام أشقاء جدد للضيوف القدماء، كان لابد أن تصدر السلطات المصرية قرارات تنظم وتضبط وجود الملايين من «الضيوف» على أرضها، خاصة بعد ان ازدادت الأعداد.. وطالت مدد البقاء.. وكثرت حالات مخالفات قوانين الإقامة.
وللأسف.. وبمجرد أن أصدرت الحكومة المصرية قبل أيام قرارات تنظم وتقنن الأوضاع، وتحث مخالفي قوانين الإقامة على تعديل أوضاعهم حتى تعالت الأصوات التي تحركها جماعات الشر وأعوانهم متهمة الدولة التي احتضنت ملايين الأشقاء بأنها تسعى للاستفادة من وجودهم!
ونسوا أو تناسوا أننا لم «نتاجر» بآلام الأشقاء أو نسعَ للحصول على أموال الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي مقابل احتضانهم، ولم نسارع إلى عزلهم في مخيمات تعمق جراحهم وتزيد مآسيهم، ورغم ذلك يستكثرون على مصر المحروسة فقط مجرد تقنين وجود ضيوفها في ممارسة لسيادة الدولة على أراضيها والتي لا ينكرها سوى جاحد أو مغرض.
وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.
وحفظ الله مصر وأهلها وضيوفها من كل سوء.
https://linktr.ee/hossamfathy