.. سأبدأ من حيث انتهى مقال أمس: لماذا تستكثرون على الدولة المصرية «تقنين» وجود ضيوفها الـ 20 مليوناً على أرضها؟
وكيف تفكرون مجرد تفكير في انتقاد مبدأ فرض سيادة دولة - أيا كانت هذه الدولة - على أراضيها؟..
وأنا هنا لا أتحدث مثلاً عن تعقيدات تضعها الأجهزة أمام مجيء المستثمرين عرباً وأجانب!!.. أو قيود تفرضها السلطات على دخول السائحين لا سمح الله!! ولا حتى عن جزء كبير من المهاجرين هجرة مؤقتة إلى أحضان المحروسة بسبب ما أصاب بلادهم، ثم أعجبتهم الحياة فيها، وراق لهم العيش بين أهليها فاستقروا ومارسوا جميع الأعمال من افتتاح المطاعم والمحال وحتى صالونات الحلاقة وممارسة طب الأسنان!! فهؤلاء استخرجوا أوراقا رسمية، وتصاريح عمل وقننوا وجودهم، وأدخلوا أبناءهم المدارس والجامعات.
أما من أتحدث عنهم، ومن قصدهم القرار الذي أصدره رئيس الوزراء برقم 3326 لسنة 2023 فهم فئتان خصص لهم مادتين أولا: الأجانب المتقدمون للإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية للحصول على «حق الإقامة» وهؤلاء يتعين عليهم تقديم إيصال بتحويل ما يعادل الرسوم بالدولار الأميركي أو ما يعادله بالعملات الحرة إلى الجنيه المصري من أحد البنوك أو شركات الصرافة،.. فماذا في ذلك؟.. وهل يفترض أن الأجنبي القادم لمصر عليه أن يشتري الجنيه المصري بسعر السوق السوداء غير القانونية ليسدد به رسوم الإقامة أو غرامات التخلف وتكلفة إصدار بطاقة إقامة جديدة؟! أليس المنطق أن يتم السداد بالدولار أو اي عملات أحضرها معه؟ وما العيب ان تحصل الدول رسوم التأشيرات بالدولار؟.. والعجيب أن أغلب الدول تفعل ذلك.. تركيا على سبيل المثال عبر التأشيرة الإلكترونية والتأمين الصحي الإجباري تبلغ قيمتها قرابة 190 دولارا أميركيا!! فلماذا التعجب من مصر؟
المادة الثانية من القرار خاصة بالأجانب المقيمين في مصر «بصورة غير شرعية»، وهؤلاء إما أنهم دخلوا بتأشيرة محددة المدة، ثم واصلوا البقاء بعد انتهائها أو تسللوا عبر الحدود بطريقة غير شرعية، فتمت دعوتهم لتقنين أوضاعهم وتقنين إقامتهم، شرط وجود «مستضيف» مصري وسداد مصروفات إدارية تعادل ألف دولار أميركي. أليس ذلك أفضل من «الترحيل» الذي قد تضطر له بعض الدول، أو المنع من العودة للبلاد 5 سنوات كما تفعل الولايات المتحدة مثلا؟!
القرار صائب لا عيب فيه، والمهم أن تراعى عند التطبيق الحالات الإنسانية لتظل مصر المحروسة الحضن الدافئ والملاذ الآمن.. لكل من يدخلونها أو يطرقون أبوابها.
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
https://linktr.ee/hossamfathy