أقرت الشركات العالمية توزيعات أرباح نقدية على المساهمين تتجاوز نصف تريليون دولار عن فترة الربع الثاني من العام الحالي، لتنجح في تجاوز أكثر التوقعات تفاؤلا، حيث جاءت القفزة القياسية للتوزيعات بالرغم من المخاوف المتعلقة بتباطؤ الاقتصاد العالمي وتضرر الأعمال جراء استمرار رفع معدلات الفائدة لكبح التضخم.
وقد ارتفعت توزيعات الأرباح حول العالم لمستوى قياسي جديد عند 568.1 مليار دولار في الربع الثاني من العام الحالي، حيث شمل المسح الصادر عن شركة إدارة الأصول البريطانية «جانوس هندرسون» 1200 شركة كبرى حول العالم من حيث القيمة السوقية.
وتمثل توزيعات الأرباح على المساهمين بالربع الثاني من هذا العام، زيادة اسمية بنسبة 4.9% مقارنة بنفس الفترة قبل عام، كما تمثل صعودا أساسيا بنسبة 6.3% في حال استبعاد التوزيعات الاستثنائية، فيما تسبب هبوط التوزيعات الخاصة التي تقدم لمرة واحدة إلى النصف في الربع الثاني في تقليص معدل النمو الاسمي لتوزيعات الأرباح بمقدار 2.4%.
ويشير النمو الاسمي إلى التغير في القيمة الإجمالية بالدولار للمدفوعات التي تقوم بها الشركات مقارنة بنفس الفترة قبل عام واحد، بينما يوضح النمو الأساسي الأرقام بعد استبعاد أثر التوزيعات الاستثنائية وتغير أسعار الصرف وتأثير خروج ودخول شركات في قائمة الـ1200 شركة التي تشكل المؤشر.
وكانت التوزيعات الخاصة مرتفعة بشكل استثنائي في عامي 2021 و2022، ما عكس تعطيل وباء «كورونا» للمدفوعات المنتظمة للأرباح، وعالميا، قامت 88% من الشركات بزيادة أو تثبيت توزيعات الأرباح في الربع الثاني من 2023.
وقد جاء النمو الأسرع في توزيعات الأرباح من أوروبا، بالتزامن مع فرض أو دراسة بعض الدول مثل إيطاليا وإسبانيا إقرار ضرائب على الأرباح الاستثنائية المحققة جراء ارتفاع معدلات الفائدة وأسعار الطاقة، ويشكل الربع الثاني النقطة الأعلى موسميا للتوزيعات في أوروبا باستثناء المملكة المتحدة، مع حقيقة أن معظم الشركات في المنطقة تقوم بمدفوعات سنوية واحدة.
ارتفعت قيمة توزيعات الأرباح في أوروبا لمستوى قياسي جديد عند 184.5 مليار دولار، بدعم أرباح البنوك التي قادت النمو، تلها شركات تصنيع السيارات، لتقوم 86% من الشركات الأوروبية بزيادة أو تثبيت التوزيعات.
وتستضيف فرنسا أكبر سوق للأسهم في أوروبا، كما تقوم الشركات الفرنسية بدفع أكبر حصة من توزيعات الأرباح بين دول القارة والتي بلغت 53.9 مليار دولار في الربع الثاني من هذا العام، وبالنظر إلى أميركا الشمالية، شهدت توزيعات أرباح الشركات الأميركية تباطؤا في الربع الثاني، لتسجل نموا اسميا بنسبة 2.6% على أساس سنوي عند 148 مليار دولار.
ورغم التباطؤ المستمر للربع السادس على التوالي، لاتزال الشركات الأميركية تشهد نموا جيدا للتوزيعات، حيث إن 98% من الشركات إما رفعت أو ثبتت التوزيعات في الربع الثاني، وهو ما يتجاوز كثيرا المتوسط العالمي.
وكانت شركات الرعاية الصحية المساهم الأكبر في نمو توزيعات الأرباح للشركات الأميركية، كما جاءت شركات العقارات في المرتبة الثانية رغم المخاوف بشأن القطاع، فيما كانت أكبر عمليات خفض التوزيعات للمساهمين من جانب شركة «إنتل»، بعد أن شهدت هبوطا في المبيعات ومع خطة الشركة لخفض الإنفاق بمقدار مليار دولار بشكل فصلي.
كما خفضت «بلاكستون» توزيعات الأرباح بعد التراجع الحاد للأرباح، على خلفية انخفاض تقييمات الأصول الخاصة، وعلى جانب آخر، تراجعت توزيعات أرباح الشركات البريطانية بنحو 12% في الربع الثاني من هذا العام، بفعل شركات التعدين.
وقد ساهمت البنوك في نصف نمو توزيعات الأرباح العالمية خلال الربع الثاني من هذا العام، لتسجل نموا أساسيا 19.7% وتحقق مستوى قياسيا عند 85.3 مليار دولار، وارتفعت ربحية القطاع المصرفي العالمي بدعم صعود معدلات الفائدة، بالإضافة إلى عودة التطبيع للمدفوعات بشكل كامل بعد انتهاء تداعيات وباء «كورونا».
كما شكلت شركات تصنيع السيارات نحو 15% من نمو توزيعات أرباح الشركات العالمية، لتصعد التوزيعات في القطاع بنحو 20.1% بشكل أساسي، في حين تصدرت شركات التعدين قائمة الأكثر مساهمة سلبية في توزيعات الأرباح العالمية، بعد أن انخفضت بنحو 30.6% بفعل هبوط أسعار السلع الأساسية.
وتواصل الشركات الأوروبية هيمنتها على قائمة الأكثر توزيعا للأرباح النقدية عالميا، وجاءت شركات «نستله» و«إتش إس بي سي» و«مرسيدس بنز» بالمراكز الثلاثة الأولى في القائمة خلال الربع الثاني، ولم تظهر الشركات الأميركية في القائمة قبل المرتبة السابعة عالميا والتي احتلتها شركة «مايكروسوفت»، ثم جاءت «آبل» في المركز السابع عشر عالميا.