سُئِلَ أحد الصالحين: كيف أعرف أني من أهل الدنيا أو الآخرة؟ فقال: (إذا دخل عليك من يعطيك عطاء أو يطلب صلة بأيهما تفرح؟ الذي يعطيني يعمر دنياي والذي أعطيه يعمر آخرتي).
نعم إنها نفوس سَمت بهمتها في الدنيا فعشقت ما يوصلها لمبتغاها في الآخرة، كيف لا ونحن نرى نماذج قولاً وعملاً،
فها هو أحد الصالحين عندما يأتيه من يطلب منه حاجة يقول: "مرحبا بمن أتاني يحمل حسناتي للآخرة " ويسعى في حاجته ويقضيها.
وحين ينظر المرء الى عاقبة الأمور يجد بنفسه انسياقا لفعل الخير وملازمته، وخاصة حين يجد أثره بقلبه وحياته،
فانظر الى أثر الخير في هذا الحديث:
عَنْ أبي الدرداء رضي الله عنه قَالَ: أتَى النَّبيَّ ﷺ رجلٌ يشكو قسوةَ قلبِه؛ قال: (أتحِبُّ أن يلينَ قلبُك وتُدرِكُ حاجتَك؟ ارحَمِ اليتيمَ وامسَحْ رأسَه وأطعِمه من طعامِك؛ يلِنْ قلبُك وتُدرِكْ حاجتَك).
أخرجة الطبراني وصحَحَهُ الألباني.
وهذا رجل تاجر، ذهب برحلة خيرية لتوزيع كراسي متحركة لمحتاجين فكانت ضمن المستفيدين فتاة تعلقت بِرِجْل المتبرع وتنظر اليه وقالت:
"أريد أن أتذكر وجهك جيدا لكي أراك في الجنة وأشكرك عند ربي مرة اخرى"،
فكانت هذه الكلمات كصاعقة أصابت شعوره وجعلته مبادراً ومواصلاً لفعل الخير.
تأمل قوله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قيل لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لكم).
إذا كان جزاء الفسح في المكان هو توسعة الرزق في الدنيا وتوسعة المنازل في الجنة وهي لا تضر الفاسح شيئًا ولا تكلفه جهدا، فكيف بمن فرج عن مسلم كربة أو قضى له حاجة. بالختام نستبشر بحديث المصطفى ﷺ حيث قال:
«إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عز وجل بِعَبْدٍ خَيْرًا عَسَلَهُ» قِيلَ: وَمَا عَسَلُهُ؟ قَالَ: «يَفْتَحُ اللَّهُ عز وجل لَهُ عَمَلًا صَالِحًا قَبْلَ مَوْتِهِ، ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ» صحَحَهُ الألباني،
نسأل الله تعالى أن يستعملنا في طاعته ومرضاته، وأن نكون مفاتيح للخير مغاليق للشر يا رب العالمين.