بعد أن أصبحت معاينة الطبيب تشكل عبئا كبيرا على أغلب المرضى في سورية، وفي ظل تردي الأوضاع المعيشية لغالبية السوريين، انبرى عدد لا بأس به من الأطباء في محافظة السويداء جنوب سورية لتخصيص يوم مجاني لمعاينة المرضى، حرصا منهم على الوقوف إلى جانب الناس في ظل هذه الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد.
ويذكر أن معاينة الطبيب في العيادة تتراوح ما بين 30 ألفا إلى 80 الف ليرة سورية أي ما يعادل من 3 إلى 8 دولارات أميركية تقريبا (الدولار الواحد يساوي 10900 ليرة سورية)، بحسب سعر الصرف للبنك المركزي السوري الرسمي.
وشارك 45 طبيبا وطبيبة والعشرات من الفعاليات الاقتصادية والمغتربين والعديد من الممرضين والمراكز الطبية ضمن حملة «كلنا أهل» التي أطلقت مؤخرا، بغية تخفيف الألم عن الأهل في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر على السوريين جميعا.
وهذه المبادرة الإنسانية القديمة الجديدة تأتي لتعزز دور التكافل المجتمعي، ولترسل رسالة مفادها أن الناس لبعض، وأن الدنيا مازالت بخير، وهذه المبادرة قد تمتد لتشمل عدة قطاعات أخرى والهدف منها تخفيف العبء عن كاهل السوريين الذين أرهقتهم سنوات الحرب.
ولم يقتصر الأمر عند هؤلاء الأطباء على المعاينة المجانية، وإنما امتد ليشمل تقديم ما يتوفر لديهم من أدوية مجانية لهم ضمن هذه المبادرة الإنسانية التي لاقت استحسانا لدى السوريين.
وعبرت الدكتورة أناهيد حاتم (52 عاما) وهي طبيبة اختصاصية توليد وأمراض النساء من ضمن الأطباء المشاركين بالمبادرة، عن سعادتها بتخصيص يوم في الأسبوع لمعاينة المرضى مجانا، مؤكدة أن هذه المبادرة ستمتد لعدة أشهر حتى يتمكن الناس من المجيء إلى العيادة لتلقي العناية الطبية اللازمة.
وقالت الدكتورة أناهيد حاتم، وهي تقوم بفحص سيدة سورية جاءت إلى عيادتها في اليوم المخصص للمرضى للفحص المجاني، إن ما يقارب من 15 مريضة أتين إلى العيادة لأول مرة، وهن يستحققن الكشف بشكل مجاني لأنهن أول مرة يقمن بالمعاينة بشكل دقيق من قبل طبيب عيادة، موضحة أن السيدات كن يراجعن قبل ذلك المراكز الطبية الأهلية والحكومية.
وأكدت أن بعض الحالات التي تم الكشف عليها كانت تتطلب إجراء عمليات جراحية سريعة، والبعض الآخر حالتهن كانت حرجة وتحتاج إلى متابعة دقيقة. وأضافت الدكتورة أناهيد حاتم أنه يكفي في هذا اليوم خروج المرضى من العيادة والبسمة ترتسم على وجوههن بعد الاطمئنان على حالتهن الصحية.
ومن جانبه، أكد الدكتور طليع عسقول (36 عاما)، وهو طبيب اختصاصي في علاج الأعصاب والمفاصل، أن فكرة هذه المبادرة جاءت في وقت تمر فيه البلاد بظروف اقتصادية ومعيشية صعبة، مبينا أن شريحة من الأطباء قررت أن تؤدي رسالتها الإنسانية من خلال الوقوف إلى جانب الناس بتخصيص يوم مجاني للكشف على المرضى.
وقال الدكتور عسقول إن مهنة الطب هي بالمقام الأول مهنة إنسانية وهدفنا علاج الناس في ظل هذه الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد، وبالتالي علينا أن نقف إلى جانب المرضى.
وأضاف أننا من هذا الجانب أردنا أن نساعد الناس ضمن مجالنا الطبي وأن نخصص يوم بالأسبوع لمعاينة المرضى مجانا.
وبدورها قالت رؤى الباسط (32 عاما)، وهي مريضة كانت في إحدى عيادات الأطباء بعد الكشف عليها، قالت إن الوضع الاقتصادي الذي وصل إليه الشعب السوري بالغ الصعوبة ومبادرة الأطباء الإنسانية تهدف إلى تخفيف الألم عن المرضى، معربة عن شكرها لأي طبيب ساهم في هذه المبادرة الإنسانية.
وأشار الدكتور إنمار غزر الدين، وهو طبيب عيون إلى أن الأطباء في عيادتهم يقومون بمعالجة المرضى بشكل مجاني، وأحيانا يتم تقديم الدواء لهم، ولكن هذه المبادرة جاءت لتؤكد أن الأطباء هم جزء من النسيج الاجتماعي السوري ويشعرون بالظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.