تمر على الكويت الذكرى الثالثة لوفاة سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، طيب الله ثراه، بعد 14 عاما عاشتها الكويت في كنف قيادته الحكيمة، أحب خلالها الكويت وأهلها حبا خالصا، وكان، رحمه الله، حريصا على تطلعات شعبه وتحقيق أمانيه.
فبعدما أوصل رسالته وأدى أمانته وقاد سفينة الكويت وسط بحار مشتعلة من التوترات الإقليمية والعالمية استطاع بحنكته أن يجنب بلاده إياها وأن يشق لها طريقا آمنا محفوفا بالسلام والمحبة من العالم، رحل الأمير الشيخ صباح الأحمد في مثل هذا اليوم، لتفقد الكويت قائدا فذا قاد مسيرة تنميتها وازدهارها خلال 14 عاما وخلد اسمها في المحافل الإقليمية والعربية والعالمية.
منذ أن تولى سموه دفة الحكم في البلاد يوم 29 يناير 2006، حرص على السير على النهج الحكيم الذي سار عليه قادة الكويت طوال العقود الماضية في أداء دور فاعل بمسيرة الأمن والاستقرار في المنطقة ودرء الخلافات بين دولها وتحقيق السلام في مجتمعاتها.
وعلى الصعيد الداخلي، قاد سمو الأمير الراحل البلاد نحو التطور والتنمية والازدهار في مرحلة صعبة شهدت فيها المنطقة تحديات كبيرة واهتم ببناء الإنسان باعتباره أثمن الموارد التي يملكها الوطن وعماد نهضته وتطوره ورخائه.
حظي سمو الأمير الراحل حين تولى دفة الحكم، باعتباره الحاكم الخامس عشر لدولة الكويت، بتأييد شعبي ورسمي كبير وتمت مبايعته بالإجماع من أعضاء السلطتين التنفيذية والتشريعية في ذلك اليوم الميمون من يناير، ليصبح أول أمير منذ عام 1965 يؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة.
وكثيرا ما عرف سمو الأمير الراحل بانتهاج سياسة حكيمة حافظ من خلالها على مكانة متميزة للكويت في محيطها الخليجي والعربي والدولي، وشهد العالم بأسره نجاحاته الديبلوماسية في نصرة القضايا العادلة للشعوب وحماية الدولة من أي تأثير يهدد كيانها والوصول بها إلى بر الأمان في ظل محيط مضطرب بالتهديدات.
وإذا كانت البلاد قد عاشت تحت قيادة سموه الحكيمة خلال 14 سنة، فقد سبقتها عقود من العمل الرسمي لسموه تبوأ خلالها عددا من المناصب التي ساهم عبرها في تعزيز مسيرة بناء الوطن وتوطيد أركانه وترسيخ مكانته.
والأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، هو الابن الرابع للشيخ أحمد الجابر الصباح، الذي توسم في نجله الفطنة والذكاء منذ صغر سنه فأدخله المدرسة المباركية ثم أوفده إلى بعض الدول للدراسة واكتساب الخبرات والمهارات التي ساعدته على ممارسة العمل بالشأن العام.
بدأت مسيرة العطاء لسمو الأمير الراحل عام 1954 حينما عين عضوا في اللجنة التنفيذية العليا التي عهد إليها آنذاك مهمة تنظيم مصالح الحكومة ودوائرها الرسمية.
في عام 1955 تولى سموه منصب رئيس دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل فعمل على تنظيم العلاقة بين العمال وأصحاب العمل لاسيما في ضوء تدفق الهجرات الخارجية من الدول العربية والأجنبية للعمل في الكويت واستحداث مراكز التدريب الفني والمهني للشباب ورعاية الطفولة والأمومة والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة وتشجيع الجمعيات النسائية والاهتمام بالرياضة وإنشاء الأندية الرياضية.
أولى سمو الأمير الراحل اهتماما بالفنون وعلى رأسها المسرح فأنشأ أول مركز لرعاية الفنون الشعبية في الكويت عام 1956، وفي عام 1957 أضيفت إلى مهام سموه رئاسة دائرة المطبوعات والنشر، وعمل على إصدار الجريدة الرسمية للكويت (الكويت اليوم)، وتم إنشاء مطبعة الحكومة لتلبية احتياجاتها من المطبوعات، ووقتها تم إصدار مجلة «العربي».
وأبدى سمو الأمير الراحل اهتماما كبيرا بإحياء التراث العربي وإعادة نشر الكتب والمخطوطات القديمة وتشكيل لجنة خاصة لمشروع «كتابة تاريخ الكويت» وإصدار قانون المطبوعات والنشر الذي كان له دور مميز في تحقيق الصحافة الكويتية مكانة مرموقة بين مثيلاتها في الدول العربية لما تتصف به من حرية وموضوعية واتزان.
وبعد استقلال الكويت عام 1961 عين سموه عضوا في المجلس التأسيسي الذي عهدت إليه مهمة تشكيل لجنة وضع دستور البلاد، ثم عين في أول تشكيل وزاري عام 1962 وزيرا للإرشاد والأنباء.
السياسة الخارجية
في 28 يناير 1963 وبعد إجراء أول انتخابات تشريعية لاختيار أعضاء مجلس الأمة، عُيِّن الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، وزيرا للخارجية لتبدأ مسيرة سموه مع العمل السياسي الخارجي والديبلوماسية التي برع فيها، فاستحق لقب مهندس السياسة الخارجية الكويتية وعميد الديبلوماسيين في العالم بعد أن قضى 40 عاما على رأس تلك الوزارة ربانا لسفينتها في أصعب الظروف والمواقف السياسية التي شهدتها البلاد.
ويستذكر الكويتيون بكل فخر الدور الكبير للشيخ صباح الأحمد عندما كان وزيرا للخارجية حين رفع سموه علم الكويت فوق مبنى الأمم المتحدة بعد قبولها عضوا فيها في 11 مايو 1963.
تجدر الإشارة إلى دور سموه منذ نحو 54 عاما في جمع الأشقاء وسعيه الدؤوب لحل الخلافات عندما شارك في اللقاء الذي نظمته الأحزاب المتنافسة في اليمن مع ممثلي مصر والسعودية لوضع حد للحرب الأهلية هناك، والتي استأنفت اجتماعاتها في الكويت في أغسطس 1966.
وعندما تدهورت العلاقة بين اليمن الجنوبي واليمن الشمالي وبدأت الصدامات بينهما على الحدود المشتركة، قام سموه، رحمه الله، بزيارة للدولتين في أكتوبر 1972 أثمرت توقيع اتفاقية سلام بينهما.
وقام فقيد الكويت في عام 1980 بوساطة ناجحة بين سلطنة عمان وجمهورية اليمن الديموقراطية نتج عنها توقيع اتفاقية خاصة بإعلان المبادئ، ثم وجه سموه الدعوة لوزيري الخارجية في الدولتين لزيارة الكويت عام 1984 حيث اجتمع الطرفان على مائدة الحوار وتوصلا إلى إعلان انتهاء الحرب الإعلامية بينهما واحترام حسن الجوار وإقامة علاقات ديبلوماسية.
اختار سمو الأمير الراحل منذ نحو خمسة عقود منهجا واضحا للسياسة الخارجية للكويت استطاع من خلاله أن يتخطى بالكويت مراحل حرجة في تاريخها من خلال انتهاج مبدأ التوازن في التعامل مع القضايا السياسية، ومن أبرزها الحرب العراقية ـ الإيرانية التي استمرت من عام 1980 حتى عام 1988 وما نتج عنها من تداعيات أثرت على أمن الكويت واستقرارها داخليا وخارجيا.
بذل سموه طوال سنوات قيادته لوزارة الخارجية جهدا كبيرا في تعزيز وتنمية علاقات الكويت الخارجية مع مختلف دول العالم خصوصا الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن.
وشهدت البلاد نتيجة ذلك استقرارا في سياستها الخارجية وثباتا اتضحت ثماره في الثاني من أغسطس عام 1990 عندما وقف العالم أجمع مناصرا للحق الكويتي في وجه العدوان العراقي، والذي أثمر صدور قرار مجلس الأمن رقم 678 الذي أجاز استخدام كل الوسائل بما فيها العسكرية ضد العراق ما لم يسحب قواته من الكويت.
ولعل احتضان الكويت اليوم لعشرات الممثليات الديبلوماسية على أراضيها من سفارات وقنصليات ومراكز لمنظمات دولية وإقليمية لهو دليل ناصع على نجاح سياسة الأمير الراحل الديبلوماسية وحسن قيادته للسياسة الخارجية الكويتية.
ونظرا لما كان يتمتع به، رحمه الله، من فطنة وذكاء وقدرة فائقة على تحمل المسؤولية، فقد أسندت إلى الأمير الراحل مناصب عدة إضافة إلى منصب وزير الخارجية، إذ عين وزيرا للإعلام بالوكالة في الفترة من 2 فبراير 1971 حتى 3 فبراير 1975، وفي 16 فبراير 1978 عين نائبا لرئيس مجلس الوزراء، وفي 4 مارس 1981 تسلم حقيبة الإعلام بالوكالة إضافة إلى وزارة الخارجية حتى 9 فبراير 1982.
وفي 3 مارس 1985 عين، رحمه الله، نائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للخارجية حتى 18 أكتوبر 1992 عندما تولى منصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية.
وفي 13 يوليو 2003 صدر مرسوم أميري بتعيين سموه رئيسا لمجلس الوزراء، وهي المرة الأولى في تاريخ الكويت التي يتم فيها الفصل بين منصبي ولاية العهد ورئاسة مجلس الوزراء.
ولم يقتصر نجاح سمو الأمير الراحل عند السياسة الخارجية فقط بل استمر هذا العطاء والنجاح عند توليه قيادة دفة السياسة الداخلية للبلاد فقد حرص منذ اللحظات الأولى لتوليه منصب رئاسة الوزراء على تبني رؤية شاملة وعميقة للتنمية في الكويت تشمل مختلف قطاعات الدولة وعلى رأسها القطاع الاقتصادي.
ولتعزيز تلك الرؤية وتنفيذها، قام سموه بتشجيع القطاع الخاص وفتح فرص العمل الحر أمام الشباب الذين وضعهم سموه في مقدمة اهتماماته ورعايته من خلال دعم المشروعات الصغيرة سعيا إلى تحقيق الهدف الأمثل الذي سعى إليه وهو تحويل البلاد إلى مركز مالي وتجاري إقليمي لتستعيد الكويت دورها التاريخي كلؤلؤة الخليج.
واستمر سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، في مسيرة العطاء رئيسا للحكومة الكويتية حتى يناير عام 2006 عندما اجتمع مجلس الوزراء واتخذ قرارا بالإجماع بتزكية سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أميرا للبلاد وفقا للمادة 3 من قانون توارث الإمارة الصادر عام 1964.
وانطلاقا من هذا القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء ومن مبايعة أسرة آل الصباح، عرض الأمر وفقا للدستور على مجلس الأمة الذي عقد جلستين يوم الأحد 29 يناير 2006 خصصت الأولى لمبايعة أعضاء مجلس الأمة لسمو الشيخ صباح الأحمد أميرا للبلاد، في حين خصصت الجلسة الثانية لتأدية سموه القسم الدستوري أمام المجلس بحضور جميع أعضاء مجلس الوزراء.
ومنذ ذلك اليوم التاريخي بدأت أسطر جديدة تكتب في تاريخ الكويت وفي مسيرة الأمير الراحل في قيادة الكويت، إذ استمر في تكريس رؤيته الثاقبة في الاهتمام بالاقتصاد لأنه عصب التنمية والتطور في أي مجتمع.
شهدت الكويت خلال حكم سموه نهضة تنموية شاملة مرتكزة على مجموعة من المشاريع الضخمة من أبرزها مدينة «صباح الأحمد البحرية» التي تعد أول مدينة ينفذها القطاع الخاص كاملا، ما يدل على تشجيع سموه على إعطاء القطاع الخاص دورا أكبر في المساهمة في تنمية الكويت وتنشيط عجلة الاقتصاد.
التكريمات والأوسمة
حرص سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، على وحدة الوطن وتماسكه ولحمة أبنائه ورص صفوفهم في ضوء الأخطار والتقلبات التي كانت تعصف بالمنطقة من حين لآخر.
ونال الأمير الراحل خلال مسيرته العشرات من الأوسمة والقلادات والأوشحة والشهادات كان آخرها حصوله في 18 سبتمبر 2020 على «وسام الاستحقاق العسكري برتبة قائد أعلى»، الذي يعد أعلى وسام عسكري يمنح عن جدارة لقائد غير أميركي تقديرا لجهوده السامية وإنجازاته المتميزة.
وأطلقت الأمم المتحدة على الأمير الراحل لقب «قائد للعمل الإنساني»، وتم اختيار الكويت «مركزا للعمل الإنساني» إثر تبوئها مركزا مرموقا بين دول العالم خلال السنوات الماضية لاسيما بعد أن استضافت المؤتمر الدولي للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سورية لثلاث دورات متتالية وقدمت تبرعات سخية لإغاثة اللاجئين السوريين.
واستضافت الكويت في عهد سموه القمة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية العربية الأولى في يناير 2009 التي شهدت أول مبادرة تنموية عربية طرحها سموه متمثلة في إنشاء صندوق لدعم وتمويل المشاريع التنموية الصغيرة والمتوسطة في الدول العربية برأسمال قدره مليارا دولار تساهم الكويت فيه بحصة تبلغ 500 مليون دولار.
وبعد مرور 3 سنوات على رحيل الأمير الشيخ صباح الأحمد، ستظل إنجازاته البارزة مدونة في سجل تاريخ الكويت وعطاءاته خالدة في مسيرتها الحديثة وإسهاماته ومبادراته منارة للأجيال تقتبس منها لتبقى حاملة مشاعل النور في مسيرة بناء الوطن ورفعته وازدهاره.
الوحدة الوطنية.. وتطبيق القانون
حملت خطابات الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، طوال مسيرته حرصا شديدا على أهمية الوحدة الوطنية ووحدة الصف والعمل بروح الفريق الواحد، وتطبيق القانون، وبناء الإنسان الكويتي، وهنا مقتطفات من خطابات الأمير الراحل:
في 29 يناير 2006 ألقى الأمير الراحل كلمة بمناسبة تولي سموه مسند الإمارة أشار فيها إلى التمسك بالوحدة الوطنية، قائلا «.. يحسب للشعب الكويتي الأبي ما أبداه من مشاعر الولاء والإخلاص والوفاء لوطنه ورموزه الوطنية، وتجسيده التلقائي للوحدة الوطنية». وشدد سموه على نبذ الطائفية والفئوية فقال «تغليب الصالح العام، ونبذ التحزب والأهواء الطائفية والقبلية والفئوية الضيقة لتبقى الكويت دائما هي الرابح الأول والأكبر».
وفي 25 فبراير من العام نفسه، ألقى سموه كلمة للمواطنين، أكد فيها على ضرورة تعزيز الوحدة الوطنية، فقال «وليس من شك في أن مفتاح الأمر مرهون بتماسك جبهتنا الداخلية وتعزيز وحدتنا الوطنية وتوحدها صفا قويا يظله قانون يحترمه الجميع».
وتأكيدا من سموه على أن يصبح الكويتيون يدا واحدة وجبهة متماسكة، وإيمانا من سموه بأن ذلك لن يتحقق إلا بتماسك نسيج الوحدة الوطنية، قال سموه في التاسع والعشرين من يناير عام 2007 «ليست الوحدة الوطنية شعارا تردده الأفواه أو تكتبه الأقلام، بل هي مبدأ شديد الوضوح، وجهد شديد الإخلاص ومشاركة إيجابية واعية، تنبذ كل خلاف يهدد وحدتنا، أو يعرقل مسيرتنا، أو يزعزع أمننا». وقال سموه «إنني ادعوكم من أجل الكويت، ومستقبل أبنائها، الى نبذ خلافاتكم، والكف عن توجيه الاتهام الى أحد دون بينة، لأن التعميم في التهمة ينتج آثارا خطيرة، ويشغل جهد الناس، ويصرفهم عن النهوض ببلادهم».
ولأنه كان قائداً محنكاً فقد عرف سموه السبيل لتحقيق تلك النهضة فقال «ليس من سبيل الى حماية وطننا الا أن نعمل بروح الفريق الواحد الذي لا يعرف الفرقة، وأن نستثمر الوقت ونسابق الأحداث، محافظين أشد المحافظة على الكويت أسرة واحدة».
وفي 29 يناير 2009 ألقى سموه كلمة الى المواطنين، أكد فيها على ضرورة التمسك بالوحدة الوطنية ونبذ الخلافات ووحدة الصف، قائلا «ان الكويت هي الوطن والوجود، وليس لنا من سبيل للنهوض بها الا العمل بروح الفريق الواحد، والأسرة المترابطة والمتحابة التي تحرص كل الحرص على التضحية والتفاني في خدمة الوطن ورقيه، نابذة وراءها كل خلاف يهدد دعائم وحدتنا الوطنية، ويصرفنا عن مسيرة نهضتنا المباركة».
التنمية البشرية
كما سعى سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، إلى بناء الإنسان الكويتي وتنمية قدراته وغرس القيم النبيلة، حيث كان يعتبر سموه ان قيمة الانسان تقاس بمدى تعلمه وخبراته العلمية، وان تطوير التعليم أمر أساسي في نهضة الكويت الحديثة، وهو محور التنمية البشرية. وكان يؤمن بالإبداع في العمل، ويتطلع الى بناء جيل قادر على صنع مستقبله، لهذا دعا الى عقد مؤتمر وطني من اجل تطوير التعليم، ففي 30 اكتوبر 2006 وفي افتتاح دور الانعقاد الثاني من الفصل الحادي عشر قال سموه، رحمه الله، « آن الأوان لعقد مؤتمر وطني يساهم فيه المعنيون والمختصون لوضع الاسس العلمية المناسبة لتطوير التعليم، والاستفادة من تجارب العالم المتقدم، وخبراته بما يتوافق مع احتياجاتنا الوطنية لبناء جيل من ابناء الكويت محب للوطن، مبدع في عمله، قادر على بناء مستقبله، مؤمن في عمله، متمسك بثوابت امته».
وكان للتعليم أهمية قصوى لدى سموه، حيث كان يركز عليه في كل خطاباته، ويتطلع لبناء الانسان الكويتي وتنمية قدراته، ليكون قادرا على بناء وطنه، فيقول سموه، رحمه الله، في العشر الأواخر من رمضان 2006 «ان اغلى ثرواتنا هي ابناؤنا وافضل استثماراتنا هو الاستثمار في تنمية قدراتهم ومهاراتهم، وهو محور اي تنمية وغايتها ووسيلتها»، ويوضح ان «التنمية الحقة هي التي تتخذ من الانسان محورا ومن العلم سبيلا ومن الاخلاص دافعا».
التعاون بين السلطتين
من أهم مرتكزات حكم سموه - رحمه الله - كانت دعوته المتكررة الى التعاون الإيجابي بين مجلس الأمة والحكومة، مذكرا في كل مناسبة بمبدأ الفصل بين السلطات وأهمية احترام أحكام الدستور.
ففي 29 يناير 2006 خاطب سموه المواطنين من مجلس الأمة عندما تولى مسند الإمارة، مركزا سموه على طموحات وآمال المواطنين في ظل عالم يموج بالتطورات والمتغيرات ومظاهر التوتر وعدم الاستقرار.
وبين انه لن تتحقق هذه الطموحات إلا بتعاون السلطتين، فقال «وعلينا أن ندرك أن التعاون الإيجابي المثمر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية قدر حتمي لتحقيق النقلة النوعية نحو التغيير والإصلاح، ودفع مسيرة البناء والتنمية الى الأمام، وأن الارادة الوطنية الواعية سبيلنا الى الإمساك بكافة مقومات النجاح والإبداع والتميز والتحلي بالمزيد من رحابة الصدر وتقبل الرأي الآخر».
وآمن سموه بأن التعاون بين السلطتين يؤدي الى الارتقاء بالوطن وتأمين بناء شراكة حقيقية للنهوض بالكويت، ففي التاسع والعشرين من يناير عام 2008 ألقى سموه كلمته، فقال ان «النهضة لن تتحقق الا بتعاون السلطتين»، و«اننا على ثقة بتحقيق ذلك بإذن الله تعالى في ظل التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ووضع المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار».
تطبيق القانون
«لا أحد فوق القانون، وان الجميع سواسية»، بهذه الكلمات وضع سموه، رحمه الله، منهاجا لسياسته الحكيمة، يكرر دائما دعوته الى احترام القانون وتطبيقه، ويراه السبيل الى تحقيق المواطنة الصالحة، مؤكدا ان الهدف من وضع القوانين هو ضمان الحياة الكريمة للمواطنين. وفي اكتوبر 2007، ألقى سموه كلمة الى ابنائه المواطنين بمناسبة العشر الأواخر من رمضان تطلع فيها سموه الى وطن متقدم في جميع المجالات يحيا فيه الفرد حياة حرة كريمة، تحكمها الأنظمة والقوانين التي تكفل حياة الفرد، وتحفظ حقوقه وترشده الى واجباته ومسؤولياته، فقال سموه ان تلك «القوانين والانظمة وضعت لتحقيق هذه الغاية، ولضمان حياة كريمة لكل فرد في المجتمع»، وحذر سموه من انه اذا أهملت هذه القوانين فستصبح الحياة فوضى مفككة، وستنعدم الثقة لدى أفراد المجتمع، وسيفقد القانون هيبته وسلطته.