تزايدت الدعوات امس لمحاسبة المسؤولين عن الحريق المميت الذي شب في حفل زفاف في بلدة عراقية راح ضحيته مئات القتلى والمصابين، فيما حضر المشيعون مراسم تأبين مكتظة ودفنت العائلات أحباءها، فيما وجه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بإنزال أقصى العقوبات بحق المقصرين والمهملين في الحريق.
وفي عظة تخللها نحيب نساء يرتدين السواد، قال قس في كنيسة الطاهرة في الحمدانية، المعروفة أيضا باسم قراقوش، للمشيعين إن العراق مترابط في حزنه، لكنه انتقد المسؤولين بسبب «فسادكم ومحسوبيتكم».
وأضاف «ما في شي مطابق للمواصفات» في هذا البلد. وأنصت إليه المشيعون وبعضهم يبكي والبعض الآخر يحمل صور من فقدوا من ذويهم، وتابع قائلا إنه يتعين محاسبة المسؤولين.
في الأثناء، أعلنت السلطات العراقية انتهاء التحقيقات بالاضافة الى جملة من الإجراءات عقب الحريق المفجع الذي اندلع في قاعة أفراح الحمدانية في محافظة نينوى شمال العراق، وأدى لمقتل وإصابة مئات الضحايا.
وبالتزامن مع مشاركة عشرات الأشخاص بقداس للصلاة على أرواح الضحايا، وجه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، امس بإنزال أقصى العقوبات بحق المقصرين والمهملين في الحريق.
وذكر المكتب الإعلامي للسوداني، في بيان تلقته وكالة الأنباء العراقية (واع)، أن «رئيس مجلس الوزراء تابع ميدانيا، تقديم العلاج للمصابين في حادثة حريق قضاء الحمدانية، وزار الراقدين منهم في المستشفى الجمهوري ومستشفى الحمدانية، يرافقه وزراء الداخلية والصحة والثقافة والهجرة».
واطلع السوداني «على أوضاع المصابين واستمع إلى ذوي الضحايا وقدم تعازيه ومواساته لهم»، موجها «بتوفير جميع مستلزمات العلاج دون تلكؤ، ونقل الحالات الحرجة على الفور إلى خارج العراق للتشافي».
واضاف أن «رئيس الوزراء عقد اجتماعا، وأكد فيه توجيهاته بمواصلة تفتيش المباني العامة وقاعات المناسبات والمطاعم والفنادق، وفحص شروط السلامة العامة والاحتياطات وإجراءات الوقاية من الحرائق والحوادث المحتملة».
من جهته، أكد قائد عمليات نينوى اللواء الركن عبدالله الجبوري، في تصريحات بحسب قناة «العربية ـ الحدث» امس، أن لجنة التحقيق في الحريق أنهت إجراءاتها، كاشفا عن توقيف 19 شخصا.
إلى ذلك، أكد أن هناك قصورا واضحا في تطبيق شروط السلامة بتلك القاعة التي شهدت الكارثة، بعد أن أشعلت الألعاب النارية مواد شديدة الاشتعال في سقف موقع الزفاف، وسرعان ما التهمت النيران كل شيء.
فيما بينت التحقيقات أن الألعاب النارية والأقمشة سريعة الاشتعال في سقف القاعة كانتا السبب الرئيسي لاندلاع النار.
كما أظهرت أنه لم يكن هناك مخرج بعد غلق الباب الرئيسي للقاعة، عقب اشتعال النيران، وأن باب الطوارئ كان صغيرا ومخفيا وبسبب العدد الكبير للمدعوين داخل القاعة لم يصل إليه أحد، إذ إن النار تسببت بحالة ذعر وتدافع وانتشرت بصورة سريعة.
وتضاربت التصريحات بشأن حصيلة ضحايا الحادث الذي يعد من بين أسوأ الحرائق التي شهدها العراق في السنوات الماضية، فبينما تحدث الناطق باسم وزارة الصحة العراقية عن 94 قتيلا وأكثر من 100 جريح، قال حسن العلاف نائب محافظ نينوى أنه تأكد مقتل 113 شخصا.
وأضاف المتحدث باسم وزارة الصحة في تصريح لقناة «الجزيرة» أن هذه الحصيلة ليست نهائية بسبب وجود العديد من الحالات الحرجة في مستشفيات الموصل، كما قال رئيس فرع الهلال الأحمر في المحافظة إن حصيلة الضحايا غير نهائية بعد، لكنها تتجاوز «مئات الجرحى وعشرات القتلى».
أما الهلال الأحمر العراقي فأعلن عبر حسابه الرسمي في فيسبوك أن الحادث خلف 450 ضحية، من دون أن يحدد عدد القتلى والمصابين.
وأقيم قداس الجنازة في الهواء الطلق بمشاركة رجال دين وحشود من أبناء المنطقة وأهالي الحمدانية الذين استمعوا إلى لائحة بأسماء ممن تم التعرف على جثامينهم، وحمل رجال النعوش التي لف بعضها بالأبيض وزينت بالورود، في حين تصدرت صور الضحايا المواكب، وبينهم أطفال.
وفي كنيسة الطاهرة للسريان الكاثوليك في قرقوش صباح امس، جلست نساء متشحات بالسواد على المقاعد الخشبية وبدا الحزن والألم على وجوههن، وعلى مقعد آخر عانقت امرأة رجلا جالسا إلى جانبها لم يتمكن من كبت دموعه.
من بين المشاركين أيضا بعض الناجين منهم من ضمدت يده المحروقة وفق «فرانس برس»، ووضعت صور الضحايا من أطفال ورجال ونساء حول مذبح الكنيسة.