بيروت ـ منصور شعبان
يبقى مخيم عين الحلوة، أكبر المخيمات الفلسطينية وأكثرها كثافة ضمن مساحة 30 هكتارا جنوب شرق صيدا، في دائرة الضوء مع إنجاز «القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة» انتشارها عند تجمع المدارس في منطقة الطوارئ ـ التعمير التحتاني والشارع الفوقاني بستان القدس، وسط هدوء تام سمح بعودة الحياة تدريجيا إليه وتمكن قاطنيه من متابعة أشغالهم.
ولم تتم خطوة الانتشار من دون علامات استفهام رسمها الفلسطينيون حول طبيعة خروج مسلحي جماعتي «الشباب المسلم» و«جند الشام» من مدارس وكالة «الأونروا» في مخيم عين الحلوة، حيث علق مصدر قيادي فلسطيني في المخيم مستعينا بالمثل الشعبي «اللي بجرب مجرب بكون عقلو مخرب»، وقال «لقد جربنا المسلحين سابقا وكان نكث الوعود بالتهدئة قائم وبقوة.. سكان المخيم ينظرون إلى ما حصل بحذر وهناك مخاوف من أن تنقلب الإيجابية إلى سلبية فورا».
تنفيذ الخطة واكبها الجيش اللبناني بإجراءات أمنية في محيطه، من خلال إقفال مداخل منطقتي التعمير التحتاني والطوارئ، وذلك عبر منع إدخال كميات كبيرة من المواد الغذائية للسكان خوفا من نقلها إلى الجماعات المسلحة.
ووسط كل ذلك، كان لافتا «الاستعراض الإعلامي» الذي أداه المطلوب هيثم الشعبي (الخصم المواجه لحركة فتح) داخل مخيم عين الحلوة، وقد ظهر، للمرة الثانية، علنا، منذ بدء التوتر في المخيم أواخر يوليو الماضي، إذ أراد، بحسب العارفين في المخيم، إظهار «حسن النية» لضبط التوتر، وتقول المصادر داخل المخيم ان «الاستعراض» الذي أداه الشعبي كان يهدف لإظهار نفسه على أنه ليس «بعبعبا» ويريد إنهاء المشكلة. كذلك، هدف الشعبي من خلال ظهوره علنا أمام الصحافيين إلى ترسيخ وجوده كـ «مرجعية» وإلى تصوير عناصره على أنهم «مسالمون».
وتضيف المصادر ان ما فعله الشعبي كان هادفا لإظهار أنه «الآمر الناهي» في صفوف المسلحين وأنه هو الذي «يمون عليهم» وليس شقيقه محمد الذي كان رافضا لخطوة إخلاء المدارس من المسلحين التابعين له.
وترى المصادر في ظهور الشعبي داخل حي الطوارئ الذي يبدأ من خارج المخيم ويمتد إلى داخله، يشير إلى أن تنظيمي «جند الشام» و«الشباب المسلم» سيبقيان على انتشارهما هناك رغم أنه يحق للدولة اللبنانية بسط سيطرتها هناك بكل قوة. وعليه، فإن ما جرى كان بمنزلة عنوان تحد للدولة وهو: «نحن هنا وباقون في معاقلنا».
وتشير المصادر إلى أن إصرار الشعبي على عدم وصف المطلوبين بجريمة اغتيال المسؤول في حركة «فتح» أبوأشرف العرموشي بـ «القتلة» وحرصه على تسميتهم بـ «المشتبه بهم»، يدل بشكل أو بآخر على أن إطار تسليم هؤلاء لن يكون سهلا ويجب أن يسلك طريقه نحو المفاوضات العميقة التي سيكون للمسلحين قوة خلالها بسبب الحفاظ على وجودهم.
كل ذلك يعني أن المسلحين قد يفرضون خطوة عدم التسليم والاستعاضة عنها بـ «تسوية» تتماهى مع قوتهم ووجودهم، وفي حال حصل هذا الأمر يمكن القول إن معركة عين الحلوة ثبتت التنظيمات المسلحة وتوابعها إلى أجل غير مسمى وبتغطية علنية.