نعيش هذه الأيام أجواء روحانية، مع الاحتفاء بذكرى ولادة النــور الــرباني خاتم الأنبياء والمــرسلين سيدنا محمد الهادي الأمين، وهـــو ما يستوجب نظرة تأملية ودراســة وافــــية للكون والعالم الواسع الفسيـح من حولنا، الذي جاء أبوالقاسم مبعوثا من رب العالمين ليهدي البشرية بعد أن حادت عن الطريق المستقيم. والتأمل في آيات الله في الكون الفسيح يزيد من الإيمان بالخالق العظيم وبما أنزل على نبيه الكريم، يقول الله تعالى (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد).
وقد جاءت بعثة النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم رحمة من الله للإنسانية ليخرجها من الظلمات إلى النور بإذنه سبحانه وتعالى، حيث كرمها الخالق بالمنهاج القويم القرآن الكريم، كما كرمها من قبل بالكتب السماوية الربانية.
وأفضل الطرق للاحتفاء بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم هي الاقتداء بسيرته العطرة وخلقه القويم، حيث كان كما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها «كان خلقه القرآن»، وقال صلى الله عليه وسلم «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق». وقال أيضا «أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا»، وهكذا يحتل حسن الخلق والاتصاف به مكانا مميزا في المنهج الإسلامي وهو يعد من الأسس القوية التي يقوم عليها المجتمع القويم.
ولاتزال السيرة المحمدية منبعا للخير، وستظل كذلك إلى قيام الساعة، بدليل انتشارها المقنع بين الأمم فهي عابرة للثقافات والجغرافيا لا يوقف نورها شيء، فتنتشر عبر القارات رغم الصحارى والجبال والمحيطات أمنا وأمانا لمن باركه الله بدخوله إلى هذا الدين، رغم محاربة أطراف أخرى كثيرة حسدا وكيدا وكمدا، وما يعانيه بعض أتباع هذا الدين من قتل وتشريد بشتى أنواعه وأشكاله، لكن هذه الرسالة المحمدية ستظل صامدة بإذن الله أمام تلك الأمواج المتلاطمة، وستظل هذه الأمة (خير أمة أخرجت للناس)، كرمها الخالق بالإنسانية الصادقة قولا وعملا حتى يرث الله الأرض ومن عليها ليوم الحساب وتفتح لها الأبواب الربانية والشفاعة المحمدية للجنة ونعيمها، بإذن الله وقدرته سبحانه.
قــال أمير الشعراء أحمد شوقي:
ولد الهدى فالكائنات ضياء
وفم الزمان تبسم وثناء
الروح والملأ الملائك حوله
للدين والدنيا به بشراء
والعرش يزهو والحظيرة تزدهي
والمنتهى والسدرة العصماء
وحديقة الفرقان ضاحكة الربا
بالترجمان شذية غناء
والوحي يقطر سلسلا من سلسل
واللوح والقلم البديع رواء