رفضت إسرائيل المساعي للتوصل إلى التهدئة في قطاع غزة الذي يواجه «تسونامي من الجرحى والشهداء»، وأعطت أذنا صماء لجميع الدعوات لإنشاء ممرات آمنة لإدخال المساعدات وإنقاذ المصابين،
كل ذلك وطائراتها ومدافعها لم تتوقف عن دك قطاع غزة دون تمييز بين موقع مدني أو مسجد أو مستشفى، وبين مواقع لكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس، التي يتخذ عمليتها «طوفان الأقصى» التي شنتها السبت الماضي، لتنفيذ «عقاب جماعي» بحق سكان القطاع الذين تجاوزوا الـ2.3 مليون، كما يقول خبراء الأمم المتحدة.
وناشدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر السماح بمرور إمدادات الوقود للحيلولة دون تحول مستشفيات غزة المكتظة إلى «مشارح». وقال فابريزيو كاربوني المدير الإقليمي للشرق الأوسط في الصليب الأحمر «المأساة الإنسانية الناتجة عن هذا التصعيد مروعة وأناشد الطرفين الحد من معاناة المدنيين». وأضاف محذرا بأن الوضع الصحي كارثي وآيل للانهيار: «مع انقطاع الكهرباء في غزة، تفقد المستشفيات الطاقة، مما يعرض الأطفال حديثي الولادة في الحضانات والمرضى المسنين الذين على أجهزة التنفس للخطر. وبدون كهرباء، تواجه المستشفيات خطر التحول إلى مشارح»، لكن هذه المناشدة لا تلقى اي اجابة في اسرائيل، حيث قال وزير الطاقة إسرائيل كاتس إنه لن يكون هناك أي استثناء من الحصار دون تحرير الرهائن الإسرائيليين. وكتب على منصة إكس «مساعدة إنسانية لغزة؟ لن يتم رفع أي مفتاح كهربائي، ولن يتم فتح صنبور مياه، ولن تدخل شاحنة وقود حتى تتم إعادة الرهائن الإسرائيليين إلى ديارهم. ولا ينبغي لأحد أن يعطينا درسا في الأخلاق».
الوضع الصحي على شفير الهاوية
وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» إن طائرات الاحتلال قصفت المنطقة الشمالية الغربية من مدينة غزة وخصوصا أبراج المخابرات بعشرات أطنان المتفجرات، ما أدى لدمار مهول «واستشهد 151 مواطنا أمس في اليوم السادس من العدوان» إضافة الى مئات الجرحى في مجازر بشعة ارتكبها الاحتلال في غزة.
كما تتعرض المناطق الحدودية، خصوصا شمال غرب بلدة بيت لاهيا، لقصف عنيف، حيث دعت اسرائيل سكان البلدة لمغادرتها قبل قصفها.
وفي المستشفى بخانيونس، المدينة الرئيسية في جنوب قطاع غزة، حاولت امرأة تهدئة فتاة ظلت تصرخ «أمي، أريد أمي».
وقالت المرأة وهي تحتضن الفتاة إنها «تبحث عن أمها. لا نعلم مكانها». وكان على وجه الفتاة كدمات وجروح بعد تعرض منزلها لضربة جوية.
وفي مخيم الشاطئ للاجئين في قطاع غزة، نبش السكان الركام بأياديهم العارية بحثا عن ناجين وجثث. ويقول عمال الإنقاذ إنهم يعانون بسبب نقص الوقود والمعدات اللازمة لانتشال الضحايا من بين أنقاض المباني المنهارة.
وتقول الأمم المتحدة إن ما لا يقل عن 340 ألفا من سكان غزة أصبحوا بلا مأوى خلال أيام. ويعيش ما يقرب من 220 ألفا منهم في 92 مدرسة تديرها الأمم المتحدة.
وفي إحدى المدارس التي تحولت إلى ملجأ، قالت حنان العطار (14 عاما)، إن عائلتها هرعت للخروج من منزلها دون أي شيء سوى الملابس التي يرتدونها عندما سقطت القنابل في مكان قريب. وعاد عمها لإحضار بعض الملابس فلقي حتفه عندما تعرض المنزل للقصف.
وقال جدها إنهم «يدكون المنازل فوق (رؤوس) المدنيين والنساء والأطفال»، فيما وصف آخرون التدفق الكبير للجرحى على المستشفيات بأنه «تسونامي من المصابين». وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية «استشهاد 1417 فلسطينيا وإصابة 6268 في الهجمات الإسرائيلية منذ السبت» بينهم «447 من الأطفال و248 سيدة».
وقد أكد متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن الهجوم العسكري يركز على «القضاء» على كبار قادة حركة حماس بما في ذلك رئيسها يحيى السنوار.
وقال ريتشادر هيخت لصحافيين «نحن نركز الآن على القضاء على قيادتهم العليا ليس فقط القيادة العسكرية بل الحكومية أيضا وصولا إلى السنوار».
هجمات الفصائل
وعبر السياج في مناطق غلاف غزة وحتى محيط القدس المحتلة استمرت صواريخ الفصائل الفلسطينية في السقوط محدثة اضرار مباشرة. ودوت صفارات الإنذار في مستوطنتي العين الثالثة ونيريم بغلاف غزة.
وأطلقت المقاومة الفلسطينية في غزة رشقات صاروخية باتجاه تل أبيب، وعسقلان، وبئر السبع، وحيفا، ومستوطنات إسرائيلية أخرى. وأعلنت كتائب القسام أنها وجهت ضربة صاروخية لسديروت بـ50 صاروخا.
كما قصفت «القسام» بيت شيمش غرب القدس المحتلة بدفعة صاروخية، وأفاد مراسل الجزيرة بدوي صفارات الإنذار في منطقة بيت شيمش.
وقالت هيئة البث العامة الإسرائيلية (راديو كان) إن حصيلة القتلى الإسرائيليين تجاوزت 1300 منذ يوم السبت. وقالت وزارة الصحة الإسرائيلية إن أكثر من 3268 شخصا أصيبوا، ولايزال 443 منهم في المستشفيات.
وشكلت إسرائيل أمس الأول حكومة حرب جديدة جمعت معارضين مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. كما استدعت إسرائيل مئات الآلاف من جنود الاحتياط في إطار الاستعداد لما قد يكون هجوما بريا واسعا على قطاع غزة. وقال المتحدث العسكري اللفتنانت كولونيل ريتشارد هيخت في وقت مبكر أمس إن قرار الغزو لم يتخذ بعد «لكننا نجهز له».