عقوق الوالدين هو فعل أو قول يتأذى به الوالدان من أبنائهما، ويتمثل ذلك في الهجران والقطيعة وعلو الصوت عليهما والتأفف من أوامرهما والعبوس وتقطيب الجبين أمامهما والنظر إليهما شزرا وعدم الإصغاء إلى حديثهما وشتمهما وذمهما أمام الناس وعصيانهما وضربهما وكثرة الشكوى والأنين أمامهما.
وتحض تعاليم الدين الإسلامي على بر الوالدين باعتباره من أحب الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى، وقرنت الإحسان إليهما بوحدانية الله، وقد قال تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما) سورة الإسراء: 23. وحذر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من عقوق الوالدين وتوعد فاعله بالعذاب في النار، وقد قال: «ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه والمرأة المترجلة والديوث وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه ومدمن الخمر والمنان بما أعطى».
وكذلك فإن عقوق الوالدين مذموم في المسيحية، وهناك وصايا كثيرة في الكتب المقدسة تحث على بر الوالدين وعدم العقوق. لكن ليس من العقوق ترك طاعة الوالدين في ما يخالف الشرع وما قد يكون له مضرة فيما يأمران به فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» وقال تعالى: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون) سورة لقمان: 15. وقد بينت هذه الآية للأبناء أن يعصوا والديهم ولا يطيعوهم فقط حال الأمر بالشرك بالله تعالى أو بمعصية، لأن طاعة الله فوق طاعة المخلوقين.
وتوجد بعض الأسباب لعقوق الوالدين منها جهل الأبناء عواقبه العاجلة والآجلة، وقد يكون السبب سوء التربية، فالوالدان لم يربيا أولادهما على التقوى والبر والصلة، وأحيانا يكون الوالدان عاقين لوالديهما فيعاقبهما الله بعقوق الأبناء، إذ ان الأبناء يقتدون بوالديهم، حيث إن الجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدان. والتفرقة بين الأبناء قد تؤدي إلى العقوق بسبب سيادة روح الكراهية بين الأبناء، مما يقود إلى بغض الوالدين وقطيعتهما.
والوالدان هما القدوة لأبنائهما، وقلة الإعانة على البر والدعاء للوالدين والتشجيع على ذلك قد تجعل الأبناء عاقين للوالدين لأنهم يتعلمون من والديهم تلك العادات السيئة. إنني أدعو الجميع للتواصل مع الوالدين إن كانوا أحياء والدعاء للأموات، والبر بهما سواء كانا حيين أو ميتين، فإن الحياة قصيرة، ويجب أن نعمل لآخرتنا بما يرضي الله سبحانه وتعالى.